100

خافوا بطش الله أيها الناس جميعا فإن بطشه بالظالمين الطغاة : أليم شديد*إن سورة الطلاق هي مما أنزله الله في كتابه فلا تعرضوا عنها وهي السورة التي تضمنت شريعة الطلاق المحكمة التي لاخلاف ولا اختلاف في أحكام طلاقها الي يوم القيامة وإن الله وصَّفَ المعرضين عنها بالعتاة وتوعدهم بالحساب الشديد والعذاب النكر والعاقبة الخسري والعذاب الشديد في الدارين ووصَّف الباري هذا الرفض المنزل في سورة الطلاق بالعتو عن أمر الله ورسله.

 

Translate

الأربعاء، 7 أغسطس 2024

أقسام الحكم باعتباره موافقة الدليل أو خلافه :

 

سلسلة

دروس في أصول الفقه

(الدرس الرابع)

أقسام الحكم باعتباره موافقة الدليل أو خلافه :

يمكن تقسيم الحكم باعتباره موافقة الدليل أو خلافه إلى قسمين هما: ـــ
                                القسم الأول : العزيمة
تعريف العزيمة لغة: مشتقة من العزم ، وهو القصد المؤكد ، ومنه قوله تعالى: { ولم نجد له عزماً} سورة طه : الآية 115.

أي قصداً بليغاً متأكداً ، ومنه سمي بعض الرسل أولوا العزم. ويطلق العزم على القطع ومنه قوله تعالى: { فإذا عزمت فتوكل على الله}.سورة آل عمران : الآية 159 .

أي إذا قطعت الرأي فتوكل على الله في إمضاء أمرك.

والعزيمة اصطلاحاً: الحكم الثابت بدليل شرعي الخالي عن معارض.

شرح التعريف:

المراد (بالحكم الثابت) ما يخرج غير الثابت وهو المنسوخ ، لأنه ليس مشروعاً أصلاً فلا يسمى عزيمة ويتناول جميع الأحكام التكليفية.

المراد ( بدليل شرعي) يخرج الثابت بدليل عقلي، فإنه لا تستعمل فيه العزيمة ولا الرخصة.

المراد ( الخالي عن معارض) بأن لا يثبت دليل شرعي يخالف هذا الحكم.

كوجوب الصلاة تامة في أوقاتها في الحضر ، ووجوب صوم رمضان ، وتحريم شرب الخمر .

حكم العمل بالعزيمة:

العمل بالعزيمة واجب ، لأنها الأصل وثبتت بالدليل الشرعي، ولا يجوز تركها إلا إذا وجد معارض أقوى فيعمل به وهذا ما يسمى بالرخصة كما سيأتي.


 

القسم الثاني: الرخصة
تعريف الرخصة لغــة: مشتقة من الرخص وهو اليسر والسهولة.

والرخصة اصطلاحاً: ما ثبت على خلاف دليل شرعي لمعارض راجح. وذلك كقصر الصلاة الرباعية في السفر، والجمع بين الصلاتين في السفر والمطر ، وإباحة أكل الميتة للمضطر ، وجواز المسح على الخفين وغير ذلك.

شرح التعريف:

المراد (ما ثبت على خلاف دليل) يخرج مما ثبت على وفق الدليل فإنها لا يسمى رخصة بل عزيمة كالصوم في الحضر.

المراد ( لمعارض راجح) يخرج مما كان لمعارض غير راجح إما مساو ، أو قاصر عن المساواة  فإن كان مساوياً لزم التوقف حتى يثبت المرجح ، وإن كان قاصراً عن مساواة الدليل الشرعي فلا يؤثر ، وتبقى العزيمة على حالها.

أسباب الرخصة:

للرخصة أسباب سبعة، هي :

1) السفر : ومن رخصه قصر الصلاة الرباعية ، والفطر في رمضان ، والمسح على الخفين ثلاثة أيام بلياليها ، وجواز صلاة النافة راكباً.

2) المرض: ومن رخصه ، التيمم عند التضرر باسعتمال الماء ، أو الخوف من زيادة المرض ، وكذلك صلاة المريض على حسب حاله قاعداً أو مضطجعاً أو بالإيماء.

3) الإكراه: ومن رخصه: العفو عن التلفظ بكلمة الكفر مع اطمئنان القلب بالإيمان.

4) النسيان: ومن رخصه صحة صوم من شرب أو أكل ناسياً في نهار رمضان، ويسقط الإثم بسبب النسيان في كثير من المسائل.

5) الجهل : ومن رخصه: جهل الشفيع بالبيع فإنه معذور بتأخر الشفعة ، وكذلك  إذا أسلم الكافر ثم شرب الخمر مباشرة جاهلاً بحكمها فإنه يدرأ الحد عنه لجهله بالحكم.

6) العسر وعموم البلوى: ومن رخصه: الصلاة مع وجود النجاسة اليسيرة المعفو عنها، كدم القروح، والدمل ونحوهما، وجواز مس الصبيان للمصحف دون طهارة لأجل التعلم. ويعتبر العسر وعموم البلوى من قبيل الأعذار بشرط عدم تعارضه مع نص شرعي فإن تعارض فلا اعتبار له.

7) النقص: ومن رخصه: عدم تكليف الطفل والمجنون لنقص عقليهما، وعدم تكليف النساء ببعض ما يجب على الرجال ، كالجمعة ، والجماعة، والجهاد في سبيل الله ، وتحمل الدية ونحو ذلك.

 

 

 

 

 

أقسام الرخصة:

تنقسم الرخصة إلى خمسة أقسام هي:

1) رخصة واجبة: مثل : التيمم للمريض، والأكل من الميتة للمضطر ، فإنه واجب دفعاً للهلكة عن نفسه ، لأن النفوس ملك لله تعالى ، وأمانة عند المكلفين يجب حفظها ، قال تعالى : { ولا تقتلوا أنفسكم }سورة النساء : الآية 29 .

2) رخصة مندوبة: مثل : قصر الصلاة الرباعية للمسافر ، لحديث يعلى بن أمية قال : قلت لعمر بن الخطاب رضي الله عنه : قال تعالى: { فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا } سورة النساء :الآية 101 ،  وقد أمن الناس فقال : عجبت مما عجبت منه فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: {صدقة تصدق الله بها عليكم فاقبلوا صدقته } رواه مسلم .

3) رخصة مباحة: مثل: الجمع بين الصلاتين للمسافر في غير عرفة ومزدلفة فإنه سنة. وكذلك إباحة السلم ، والإجارة ، والعرايا هي (بيع الرطب على رءوس النخل بقدر كيله من التمر خرصاً فيما دون خمسة أو سق بشرط التقايض) فالشارع أجازها ورخص فيها سداً لحاجة الناس ودفعاً للحرج عنهم.

4) رخصة مكروهة: مثل : السفر لأجل أن يترخص بالفطر والقصر فقط ، ليس له غرض إلا ذلك.

5) رخصة الأولى تركها: كاحتمال الأذى فيمن يكره على التلفظ بكلمة الكفر بلسانه فيجوز له أن يترخص والأولى له الصبر والتحمل ولو بلغ الأمر إلى قتله ، لأنه حال المرسلين عليهم الصلاة والسلام.

الفرق بين العزيمة والرخصة:

تتفق العزيمة والرخصة بأن كلاً منهما قد ثبت بنص شرعي.

ويفترقان بأن العزيمة أصل الأحكام التكليفية ، أما الرخصة فهي استثناء من هذا الأصل تبيح ذلك.

سلسلة دروس في أصول الفقه (الدرس الثالث) القسم الثاني : الأحكام الوضعية

 

 

سلسلة

دروس في أصول الفقه

(الدرس الثالث)

 

 


القسم الثاني : الأحكام الوضعية

 

تعريف الحكم الوضعي:

هو خطاب الله تعالى المتعلق بجعل الشيء سبباً لشيء ، أو شرطاً له ، أو مانعاً منه ، أوصحيحاً ، أو فاسداًً

ومعنى هذا: أن الله تعالى شرع أشياء ونصبها أدلة على إثبات حكم أو نفيه ،فالحكم يوجد بوجود سببه ، وتوفر شرطه، وانتفاء مانعه، وينتفي بانتفاء سببه ، أو تخلف شرطه، أو وجود مانعه.

وسمي وضعياً ، لأنه موضوع من قبل الشارع فهو الذي قرر مثلاً أن السرقة سبب لقطع اليد ، والوضوء شرط لصحة الصلاة، وقتل الوارث مورثه مانع من الإرث.

أقسام الأحكام الوضعية:

ينقسم الحكم الوضعي إلى خمسة أقسام هي : ــ
القسم الأول : السبب .
القسم الثاني : الشرط .
القسم الثالث : المانع .
القسم الرابع : الصحة .
القسم الخامس : الفساد .

 

القسم الأول : السبب

السبب لغة : كل شيء يتوصل به إلى غيره.

السبب اصطلاحاً : هو ما يلزم من وجوده الوجود ويلزم من عدمه العدم . أي أن السبب إذا وجد وجد الحكم، وإذا تخلف تخلف الحكم . مثل دخول وقت الصلاة فإنه سبب في وجوبها فيلزم من دخول الوقت وجوب الصلاة متى ما توفرت الشروط وانتفت الموانع , ويلزم من عدم دخول الوقت عدم وجوب الصلاة.

وكالسرقة هي سبب لقطع اليد، فإذا لم يسرق لم تقطع يده ، وإذا سرق قطعت يده .

وكشهود رمضان جعله الله سبباً لإيجاب الصوم، قال تعالى: { فمن شهد منكم الشهر فليصمه} .

 

 

 

القسم الثاني : الشرط
الشرط لغة : العلامة .

قال تعالى : (فهل ينظرون إلا الساعة أن تأتيهم بغتة فقد جاء أشراطها}سورة محمد :الآية18 . أي علاماتها .

والشرط اصطلاحاً هو: ما يلزم من عدمه العدم ولا يلزم من وجوده وجود . كاستقبال القبلة للصلاة فإنه شرط لصحتها ، فيلزم من عدم استقبالها عدم صحة الصلاة ، ولا يلزم من وجدها وجود الصلاة .
و
كالطهارة للصلاة، شرط في صحتها ، قال تعالى: { يأيها الذين ءامنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق وامسحوا برءوسكم وأرجلكم إلى الكعبين } سورة المائدة : الآية 6 .

فإذا انعدمت الطهارة لم تصح الصلاة ، وإذا وجدت الطهارة لا يلزم من وجودها وجود الصلاة .

 

القسم الثالث : المانع
المانع لغة : الحائل أي الذي يحول بينك وبين الشيء .

والمانع اصطلاحاً هو: ما يلزم من وجوده العدم ولا يلزم من عدمه وجود . كالحيض فإنه يلزم من وجوده عدم صحة الصلاة ولا يلزم من عدمه صحة الصلاة ولا عدمها.

فلا بد في وجود الحكم الشرعي من توفر ثلاثة أمور وهى :-
(1) وجود السبب (2) وجود الشرط (3) انتفاء المانع .
فإذا تخلف أمر من هذه الأمور انتفى الحكم الشرعي  .
مثاله: إذا قتل الأب ابنه عمداً فإنه لا يقتص منه، لأنه قد قام مانع منه، وهو الأبوة فإنها مانعة من القصاص.

 

القسم الرابع : الصحة
الصحة:

تعريفها لغــة: السلامة.

واصطلاحاً : ما ترتبت أثار فعله عليه شرعاً في العبادات أو العقود.

إطلاقات الصحة:

تطلق الصحة على أمرين:

صحة في العبادات.

صحة في العقود.

فالصحة في العبادات :

المراد بها: كل عبادة أديت امتثالاً لأمر الشارع وسقط بها القضاء.

دليلها: حديث عائشة رضي الله عنها قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {من عمل عملاً ليس عليه أمرنا فهو رد} رواه مسلم .

قال ابن رجب رحمه الله تعالى: فهذا الحديث بمنطوقه يدل على أن كل عمل ليس عليه أمر الشارع فهو مردود ، ويدل بمفهومه على أن كل عمل عليه أمره فهو غير مردود والمراد بأمره ههنا دينه وشرعه، ثم قال: فمن كان عمله جارياً تحت أحكام الشريعة موافقاً لها فهو مقبول ، ومن كان عمله خارجاً عن ذلك فهو مردود.

فمن أدى الصلاة في وقتها ، تامة شروطها، وأركانها، وواجباتها ، فهي صحيحة.

الصحة في العقود :

المراد بها : ترتب الأثر المقصود من العقد عليه.

فمن اشترى بيتاً في ذلك شروط صحة البيع فقد صح البيع وترتب عليه أثره من انتقال الملك إلى المشتري ، واباحة انتفاعه به ، وتصرفه. فيه.

أي أن الصحة لا تتم إلا بتمام الشروط وانتفاء الموانع ، فلو تمت الشروط وانتفت الموانع إلا مانعا واحدا فلا يصح ، وبالأمثلة سيتضح الأمر .

مثال فقد الشرط في العبادة : أن يصلي بلا طهارة .

أي أنه لو صلى صلاة مكتملة الأركان مستوفية الشروط إلا الطهارة لم تصح لأنه أخل بشرط من شروط صحتها لأن من شرط صحة الصلاة الطهارة لها كما قال تعالى :{يا أيها الذين آمنوا إذا قمتم إلى الصلاة فاغسلوا وجوهكم وأيديكم إلى المرافق}. سورة المائدة : الآية6.

وما جاء من حديث ابن عمر رضي الله عنهما قال قال رسول صلى الله عليه وسلم: {لا يقبل الله صلاة بغير طـهور} رواه مسلم .

ومثال فقد الشرط في العقد : أن يبيع ما لا يملك .

أي أن يبيع شخص ما لا يملك البيع ، فلو باع بيعاً مستوفياً الشروط إلا أنه ليس المالك ولا أذن له المالك فإن هذا العقد لا يصح .

ومثال وجود المانع في العبادة : أن يتطوع بنفل مطلق وقت النهي .

فلو تطوع إنسان بصلاة نفل تطوعا لله مستوفيا شروطه وأركانه لكن في وقت نهي كبعد صلاة العصر، فإنه لا يصح لأجل وجود مانع من الصحة وهو : وقت النهي .

ومثال وجود المانع في العقد : أن يبيع من تلزمه الجمعة شيئا ًبعد نداء الجمعة الثاني فلا  يصح بيعه إلا على وجه يباح وهو كل ما دعت الضرورة إليه ، لوجود مانع من صحة البيع وهو النداء الثاني للجمعة وهو الذي يكون بعد صعود الخطيب المنبر لأن البيع في هذا الوقت منهي عنه .

 

القسم الخامس : الفساد

الفساد لغة : هو تغير الشيء عن حالته السليمة إلى حالة السقم.

والفساد اصطلاحاً : ما لا تترتب آثارفعله عليه في العبادة أو العقود.
إطلاقات الفساد:

يطلق الفساد على أمرين:

فاسد في العبادات.

فاسد في العقود.

فالفساد في العبادات : وهو ما لا تبرأ به الذمة ولا يسقط به الطلب فكل عبادة أديت بخلل في شروطها أو أركانها أو لم تنتف  موانعها فإنها تكون فاسدة ، فلا تبرأ ذمة فاعلها ، ويظل مطالبا بأدائها .مثال : الصلاة قبل وقتها ، فإنها فاسدة بالرغم منه قد يكون صلى صلاة تامة من حيث الأركان مستوفيا ً الركوع والسجود وكل الأركان لكنها فاسدة لإخلاله بشرط من شروط صحة الصلاة وهو دخول الوقت .

والفاسد في العقود : ما لا تترتب آثاره عليه ، كبيع المجهول .فإنه بيع فاسد لأن النبي صلى الله عليه وسلم {نهى عن بيع الغرر}رواه أبي داود كما في حديث أبي هريرة رضي الله عنه  .

الفرق بين الباطل والفساد:

ذهب جمهور العلماء إلى عدم التفريق بين الفاسد والباطل وأنهما سواء إلا في مسألتين هما:

الأولى : في الإحرام : فالفاسد ما وطئ فيه المحرم قبل التحلل الأول ، والباطل ما ارتد فيه عن الإسلام نسأل الله السلامة والعافية.

الثانية : في النكاح: فالفاسد ما اختلف العلماء في فساده كالنكاح بغير ولي ، والباطل ما أجمع العلماء على بطلانه كزواج الرجل أخته من الرضاع ، أو نكاح المعتدة فإنه باطل بإجماع العلماء قال تعالى : { ولا تعزموا عقدة النكاح حتى يبلغ الكتاب أجله } سورة البقرة : الآية 235.