100

لمَّا تُوفِّي أبو طالبٍ خرَجَ النَّبيُّ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم ماشيًا إلى الطَّائفِ على قَدَمَيْه، فدَعاهم إلى الإسلامِ، فلمْ يُجيبوه، فانصَرَفَ فأتَى ظِلَّ شَجرةٍ، فصلَّى ركعتَيْن، ثمَّ قال: اللَّهمَّ إليك أشْكُو ضَعْفَ قوَّتي، وقِلَّةَ حِيلَتي، وهَواني على النَّاسِ، يا أرحَمَ الرَّاحمينَ، أنت أرحَمُ الرَّاحمينَ، وأنتَ ربُّ المسْتَضْعَفين، إلى مَن تَكِلُني؟ إلى عدُوٍّ يَتَجهَّمُني أمْ إلى صَديقٍ ملَّكْتَه أمْري؟ إنْ لم تكُنْ غَضْبانَ علَيَّ فلا أُبالي، غيْرَ أنَّ عافيتَك هي أوسَعُ لي، أعوذُ بنُورِ وَجْهِك الَّذي أشْرَقَتْ له الظُّلماتُ، وصلَحَ عليه أمرُ الدُّنيا والآخرةِ؛ مِن أنْ يَنزِلَ بي غضَبُك، أو يَحِلَّ بي سَخَطُك، لكَ العُتبَى حتَّى تَرْضَى، ولا حوْلَ ولا قوَّةَ إلَّا بكَ.

Translate

الأحد، 11 مارس 2018

* مدونة تفسير سورة البقرة

19. *الطلاق وما قبله من سورة البقرة ومعه الطلاق من سورة الطلاق
( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ أَنْ تَبَرُّوا وَتَتَّقُوا وَتُصْلِحُوا بَيْنَ النَّاسِ وَاللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 224 ) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ ( 225 ) [ ص: 600 ]
يَقُولُ تَعَالَى : لَا تَجْعَلُوا أَيْمَانَكُمْ بِالْلَّهِ تَعَالَى مَانِعَةً لَكُمْ مِنَ الْبَرِّ وَصِلَةِ الرَّحِمِ إِذَا حَلَفْتُمْ عَلَى تَرْكِهَا ، كَقَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلَا يَأْتَلِ أُولُو الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبَى وَالْمَسَاكِينَ وَالْمُهَاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلَا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ ) [ النُّورِ : 22 ] ، فَالِاسْتِمْرَارُ عَلَى الْيَمِينِ آثَمُ لِصَاحِبِهَا مِنَ الْخُرُوجِ مِنْهَا بِالتَّكْفِيرِ . كَمَا قَالَ الْبُخَارِيُّ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ هَمَّامِ بْنِ مُنَبِّهٍ ، قَالَ : هَذَا مَا حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " نَحْنُ الْآخِرُونَ السَّابِقُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ " ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " وَاللَّهِ لَأَنْ يَلِجَّ أَحَدُكُمْ بِيَمِينِهِ فِي أَهْلِهِ آثَمُ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ مِنْ أَنْ يُعْطِيَ كَفَّارَتَهُ الَّتِي افْتَرَضَ اللَّهُ عَلَيْهِ " .
وَهَكَذَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ رَافِعٍ عَنْ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، بِهِ . وَرَوَاهُ أَحْمَدُ ، عَنْهُ ، بِهِ .
ثُمَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ صَالِحٍ ، حَدَّثَنَا مُعَاوِيَةُ ، هُوَ ابْنُ سَلَّامٍ ، عَنْ يَحْيَى ، وَهُوَ ابْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنِ اسْتَلَجَّ فِي أَهْلِهِ بِيَمِينٍ ، فَهُوَ أَعْظَمُ إِثْمًا ، لَيْسَ تُغْنِي الْكُفَّارَةُ " .
وَقَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى : ( وَلَا تَجْعَلُوا اللَّهَ عُرْضَةً لِأَيْمَانِكُمْ قَالَ : لَا تَجْعَلَنَّ عُرْضَةً لِيَمِينِكَ أَلَّا تَصْنَعَ الْخَيْرَ ، وَلَكِنْ كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَاصْنَعِ الْخَيْرَ .
وَهَكَذَا قَالَ مَسْرُوقٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَعَطَاءٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَمَكْحُولٌ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ، وَالسُّدِّيُّ . وَيُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ هَؤُلَاءِ الْجُمْهُورُ مَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنِّي وَاللَّهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ لَا أَحْلِفُ عَلَى يَمِينٍ فَأَرَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا إِلَّا أَتَيْتُ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَتَحَلَّلْتُهَا " وَثَبَتَ فِيهِمَا أَيْضًا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لِعَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَمُرَةَ : " يَا عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ سَمُرَةَ ، لَا تَسْأَلِ الْإِمَارَةَ ، فَإِنَّكَ إِنْ أُعْطِيتَهَا مِنْ غَيْرِ مَسْأَلَةٍ أُعِنْتَ عَلَيْهَا ، وَإِنَّ أُعْطِيتَهَا عَنْ مَسْأَلَةٍ وُكِلْتَ إِلَيْهَا ، وَإِذَا حَلَفْتَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَيْتَ خَيْرًا مِنْهَا فَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ وَكَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ " .
وَرَوَى مُسْلِمٌ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا [ ص: 601 ] مِنْهَا ، فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ ، وَلْيَفْعَلِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ " .
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ مَوْلَى بَنِي هَاشِمٍ ، حَدَّثَنَا خَلِيفَةُ بْنُ خَيَّاطٍ ، حَدَّثَنِي عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَتَرْكُهَا كَفَّارَتُهَا " .
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ الْأَخْنَسِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا نَذْرَ وَلَا يَمِينَ فِيمَا لَا يَمْلِكُ ابْنُ آدَمَ ، وَلَا فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ رَحِمٍ ، وَمَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَلْيَدَعْهَا ، وَلْيَأْتِ الَّذِي هُوَ خَيْرٌ ، فَإِنَّ تَرْكَهَا كَفَّارَتُهَا " ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : وَالْأَحَادِيثُ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهَا : " فَلْيُكَفِّرْ عَنْ يَمِينِهِ " وَهِيَ الصِّحَاحُ .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَعِيدٍ الْكِنْدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ مُسْهِرٍ ، عَنْ حَارِثَةَ بْنِ مُحَمَّدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى قَطِيعَةِ رَحِمٍ أَوْ مَعْصِيَةٍ ، فَبِرُّهُ أَنْ يَحْنَثَ فِيهَا وَيَرْجِعَ عَنْ يَمِينِهِ " .
وَهَذَا حَدِيثٌ ضَعِيفٌ ; لِأَنَّ حَارِثَةَ [ هَذَا ] هُوَ ابْنُ أَبِي الرِّجَالِ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، مَتْرُوكُ الْحَدِيثِ ، ضَعِيفٌ عِنْدَ الْجَمِيعِ .
ثُمَّ رَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُبَيْرٍ وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ ، وَمَسْرُوقٍ ، وَالشَّعْبِيِّ : أَنَّهُمْ قَالُوا : لَا يَمِينَ فِي مَعْصِيَةٍ ، وَلَا كَفَّارَةَ عَلَيْهَا .
وَقَوْلُهُ : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ أَيْ : لَا يُعَاقِبُكُمْ وَلَا يُلْزِمُكُمْ بِمَا صَدَرَ مِنْكُمْ مِنَ الْأَيْمَانِ اللَّاغِيَةِ ، وَهِيَ الَّتِي لَا يَقْصِدُهَا الْحَالِفُ ، بَلْ تَجْرِي عَلَى لِسَانِهِ عَادَةً مِنْ غَيْرِ تَعْقِيدٍ وَلَا تَأْكِيدٍ ، كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ حَدِيثِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ حَلَفَ فَقَالَ فِي حَلِفِهِ : وَاللَّاتِ وَالْعُزَّى ، فَلْيَقُلْ : لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ " فَهَذَا قَالَهُ لِقَوْمٍ حَدِيثِي عَهْدٍ بِجَاهِلِيَّةٍ ، قَدْ أَسْلَمُوا وَأَلْسِنَتُهُمْ قَدْ أَلِفَتْ مَا كَانَتْ عَلَيْهِ مِنَ الْحَلِفِ بِالْلَّاتِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، فَأُمِرُوا أَنَّ يَتَلَفَّظُوا بِكَلِمَةِ الْإِخْلَاصِ ، كَمَا تَلَفَّظُوا بِتِلْكَ الْكَلِمَةِ مِنْ غَيْرِ قَصْدٍ ، لِتَكُونَ هَذِهِ بِهَذِهِ ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ كَمَا قَالَ فِي الْآيَةِ الْأُخْرَى فِي الْمَائِدَةِ : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ ) [ الْمَائِدَةِ : 89 ] .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ : بَابُ لَغْوِ الْيَمِينِ : حَدَّثَنَا حُمَيْدُ بْنُ مَسْعَدَةَ الشَّامِيُّ حَدَّثَنَا حَسَّانُ يَعْنِي ابْنَ [ ص: 602 ] إِبْرَاهِيمَ حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ يَعْنِي الصَّائِغَ عَنْ عَطَاءٍ : فِي اللَّغْوِ فِي الْيَمِينِ ، قَالَ : قَالَتْ عَائِشَةُ : إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " هُوَ كَلَامُ الرَّجُلِ فِي بَيْتِهِ : كَلَّا وَاللَّهِ وَبَلَى وَاللَّهِ " .
ثُمَّ قَالَ أَبُو دَاوُدَ : رَوَاهُ دَاوُدُ بْنُ أَبِي الْفُرَاتِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ الصَّائِغِ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ مَوْقُوفًا . وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ ، وَعَبْدُ الْمَلِكِ ، وَمَالِكُ بْنُ مِغْوَلٍ ، كُلُّهُمْ عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مَوْقُوفًا أَيْضًا قُلْتُ : وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْجٍ ، وَابْنُ أَبِي لَيْلَى ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْ عَائِشَةَ ، مَوْقُوفًا .
وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ هَنَّادٍ ، عَنْ وَكِيعٍ ، وَعَبْدَةَ ، وَأَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ ) [ الْمَائِدَةِ : 89 ] قَالَتْ : لَا وَاللَّهِ ، بَلَى وَاللَّهِ .
ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ حُمَيْدٍ ، عَنْ سَلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْهَا . وَبِهِ ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْهَا . وَبِهِ ، عَنْ سَلَمَةَ عَنِ ابْنِ أَبِي نَجِيحٍ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنْهَا .
وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِهِ : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ قَالَتْ : هُمُ الْقَوْمُ يَتَدَارَؤُونَ فِي الْأَمْرِ ، فَيَقُولُ هَذَا : لَا وَاللَّهِ ، وَبَلَى وَاللَّهِ ، وَكَلَّا وَاللَّهِ يَتَدَارَؤُونَ فِي الْأَمْرِ : لَا تَعْقِدُ عَلَيْهِ قُلُوبُهُمْ .
وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : أَخْبَرَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ فِي قَوْلِ اللَّهِ : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ قَالَتْ : هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ : لَا وَاللَّهِ ، وَبَلَى وَاللَّهِ .
وَحَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو صَالِحٍ كَاتِبُ اللَّيْثِ ، حَدَّثَنِي ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ عُرْوَةَ قَالَ : كَانَتْ عَائِشَةُ تَقُولُ : إِنَّمَا اللَّغْوُ فِي الْمُزَاحَةِ وَالْهَزْلِ ، وَهُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ : لَا وَاللَّهِ ، وَبَلَى وَاللَّهِ . فَذَاكَ لَا كَفَّارَةَ فِيهِ ، إِنَّمَا الْكُفَّارَةُ فِيمَا عَقَدَ عَلَيْهِ قَلْبُهُ أَنْ يَفْعَلَهُ ، ثُمَّ لَا يَفْعَلُهُ .
ثُمَّ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَرُوِيَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَعِكْرِمَةَ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ، وَعَطَاءٍ ، وَالْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ ، وَمُجَاهِدٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ، وَعُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، وَأَبِي صَالِحٍ ، وَالضَّحَّاكِ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ ، وَأَبِي قِلَابَةَ ، وَالزُّهْرِيِّ ، نَحْوَ ذَلِكَ .
الْوَجْهُ الثَّانِي : قُرِئَ عَلَى يُونُسَ بْنِ عَبْدِ الْأَعْلَى ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي الثِّقَةُ ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّهَا كَانَتْ تَتَأَوَّلُ هَذِهِ الْآيَةَ يَعْنِي قَوْلَهُ : ( لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللَّهُ بِالْلَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَتَقُولُ : هُوَ الشَّيْءُ يَحْلِفُ عَلَيْهِ أَحَدُكُمْ ، لَا يُرِيدُ مِنْهُ إِلَّا الصِّدْقَ ، فَيَكُونُ عَلَى غَيْرِ مَا حَلَفَ عَلَيْهِ .
ثُمَّ قَالَ : وَرُوِيَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَمُجَاهِدٍ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَإِبْرَاهِيمَ النَّخَعِيِّ فِي أَحَدِ قَوْلَيْهِ وَالْحَسَنِ ، وَزُرَارَةَ بْنِ أَوْفَى ، [ ص: 603 ] وَأَبِي مَالِكٍ ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، وَبَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَأَحَدِ قَوْلَيْ عِكْرِمَةَ ، وَحَبِيبِ بْنِ أَبِي ثَابِتٍ ، وَالسُّدِّيِّ ، وَمَكْحُولٍ ، وَمُقَاتِلٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ ، وَيَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، وَرَبِيعَةَ ، نَحْوَ ذَلِكَ .
وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مُوسَى الْحَرَشِيُّ حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مَيْمُونٍ الْمَرَائِيُّ ، حَدَّثَنَا عَوْفٌ الْأَعْرَابِيُّ عَنِ الْحَسَنِ بْنِ أَبِي الْحَسَنِ ، قَالَ : مَرَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقَوْمٍ يَنْتَضِلُونَ يَعْنِي : يَرْمُونَ وَمَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَجُلٌ مِنْ أَصْحَابِهِ ، فَرَمَى رَجُلٌ مِنَ الْقَوْمِ فَقَالَ : أَصَبْتُ وَاللَّهِ وَأَخْطَأْتُ وَاللَّهِ . فَقَالَ الَّذِي مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : حَنِثَ الرَّجُلُ يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " كَلَّا أَيْمَانُ الرُّمَاةِ لَغْوٌ لَا كَفَّارَةَ فِيهَا وَلَا عُقُوبَةَ " هَذَا مُرْسَلٌ حَسَنٌ عَنِ الْحَسَنِ .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَرُوِيَ عَنْ عَائِشَةَ الْقَوْلَانِ جَمِيعًا .
حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ رَوَّادٍ ، أَخْبَرَنَا آدَمُ ، أَخْبَرَنَا شَيْبَانُ ، عَنْ جَابِرٍ ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : هُوَ قَوْلُهُ : لَا وَاللَّهِ ، وَبَلَى وَاللَّهِ ، وَهُوَ يَرَى أَنَّهُ صَادِقٌ ، وَلَا يَكُونُ كَذَلِكَ .
أَقْوَالٌ أُخَرُ : قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ هُشَيْمٍ ، عَنْ مُغِيرَةَ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ : هُوَ الرَّجُلُ يَحْلِفُ عَلَى الشَّيْءِ ثُمَّ يَنْسَاهُ .
وَقَالَ زَيْدُ بْنُ أَسْلَمَ : هُوَ قَوْلُ الرَّجُلِ : أَعْمَى اللَّهُ بَصَرِي إِنْ لَمْ أَفْعَلْ كَذَا وَكَذَا ، أَخْرَجَنِي اللَّهُ مِنْ مَالِي إِنْ لَمْ آتِكَ غَدًا ، فَهُوَ هَذَا .
قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : وَحَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ ، حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، أَخْبَرَنَا عَطَاءٌ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ تَحْلِفَ وَأَنْتَ غَضْبَانُ .
وَأَخْبَرَنِي أَبِي ، أَخْبَرَنَا أَبُو الْجُمَاهِرِ ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ بَشِيرٍ ، حَدَّثَنِي أَبُو بِشْرٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَغْوُ الْيَمِينِ أَنْ تُحَرِّمَ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكَ ، فَذَلِكَ مَا لَيْسَ عَلَيْكَ فِيهِ كَفَّارَةٌ ، وَكَذَا رُوِيَ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ .
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ " بَابُ الْيَمِينِ فِي الْغَضَبِ " : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْمِنْهَالِ ، أَنْبَأَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ ، حَدَّثَنَا حَبِيبٌ الْمُعَلِّمُ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيِّبِ : أَنَّ أَخَوَيْنِ مِنَ الْأَنْصَارِ كَانَ بَيْنَهُمَا مِيرَاثٌ ، فَسَأَلَ أَحَدُهُمَا صَاحِبَهُ الْقِسْمَةَ فَقَالَ : إِنْ عُدْتَ تَسْأَلُنِي عَنِ الْقِسْمَةِ ، فَكُلُّ مَالِي فِي رِتَاجِ الْكَعْبَةِ . فَقَالَ لَهُ عُمَرُ : إِنَّ الْكَعْبَةَ غَنِيَّةٌ عَنْ مَالِكَ ، كَفِّرْ عَنْ يَمِينِكَ وَكَلِّمْ أَخَاكَ ، سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ : " لَا يَمِينَ عَلَيْكَ ، وَلَا نَذْرَ فِي مَعْصِيَةِ الرَّبِّ عَزَّ وَجَلَّ ، وَلَا فِي قَطِيعَةِ الرَّحِمِ ، وَلَا فِيمَا لَا تَمْلِكُ " .
وَقَوْلُهُ : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا كَسَبَتْ قُلُوبُكُمْ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ وَمُجَاهِدٌ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : هُوَ أَنْ يَحْلِفَ عَلَى الشَّيْءِ وَهُوَ يَعْلَمُ أَنَّهُ كَاذِبٌ . قَالَ مُجَاهِدٌ وَغَيْرُهُ : وَهِيَ كَقَوْلِهِ : ( وَلَكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ الْآيَةَ [ الْمَائِدَةِ : 89 ] [ ص: 604 ]
وَاللَّهُ غَفُورٌ حَلِيمٌ أَيْ : غَفُورٌ لِعِبَادِهِ ، حَلِيمٌ عَلَيْهِمْ .
142
( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ مِنْ نِسَائِهِمْ تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ ( 226 ) وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فَإِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ ( 227 ) )
الْإِيلَاءُ : الْحَلِفُ ، فَإِذَا حَلَفَ الرَّجُلُ أَلَّا يُجَامِعَ زَوْجَتَهُ مُدَّةً ، فَلَا يَخْلُو : إِمَّا أَنْ يَكُونَ أَقَلَّ مِنْ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، أَوْ أَكْثَرَ مِنْهَا ، فَإِنْ كَانَتْ أَقَلَّ ، فَلَهُ أَنْ يَنْتَظِرَ انْقِضَاءَ الْمُدَّةِ ثُمَّ يُجَامِعُ امْرَأَتَهُ ، وَعَلَيْهَا أَنْ تَصْبِرَ ، وَلَيْسَ لَهَا مُطَالَبَتُهُ بِالْفَيْئَةِ فِي هَذِهِ الْمُدَّةِ ، وَهَذَا كَمَا ثَبَتَ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ آلَى مِنْ نِسَائِهِ شَهْرًا ، فَنَزَلَ لِتِسْعٍ وَعِشْرِينَ ، وَقَالَ : " الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ " وَلَهُمَا عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ نَحْوُهُ . فَأَمَّا إِنْ زَادَتِ الْمُدَّةُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ ، فَلِلزَّوْجَةِ مُطَالَبَةُ الزَّوْجِ عِنْدَ انْقِضَاءِ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ : إِمَّا أَنْ يَفِيءَ أَيْ : يُجَامِعُ وَإِمَّا أَنَّ يُطَلِّقَ ، فَيَجْبُرُهُ الْحَاكِمُ عَلَى هَذَا أَوْ هَذَا لِئَلَّا يَضُرَّ بِهَا . وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( لِلَّذِينَ يُؤْلُونَ أَيْ : يَحْلِفُونَ عَلَى تَرْكِ الْجِمَاعِ مِنْ نِسَائِهِمْ ، فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْإِيلَاءَ يَخْتَصُّ بِالزَّوْجَاتِ دُونَ الْإِمَاءِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْجُمْهُورِ . تَرَبُّصُ أَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَيْ : يَنْتَظِرُ الزَّوْجُ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ مِنْ حِينِ الْحَلِفِ ، ثُمَّ يُوقَفُ وَيُطَالَبُ بِالْفَيْئَةِ أَوِ الطَّلَاقِ . وَلِهَذَا قَالَ : فَإِنْ فَاءُوا أَيْ : رَجَعُوا إِلَى مَا كَانُوا عَلَيْهِ ، وَهُوَ كِنَايَةٌ عَنِ الْجِمَاعِ ، قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمَسْرُوقٌ وَالشَّعْبِيُّ ، وَسَعِيدُ بْنُ جُبَيْرٍ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ ، وَمِنْهُمُ ابْنُ جَرِيرٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ أَيْ : لِمَا سَلَفَ مِنَ التَّقْصِيرِ فِي حَقِّهِنَّ بِسَبَبِ الْيَمِينِ .
وَقَوْلُهُ : ( فَإِنْ فَاءُوا فَإِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ فِيهِ دَلَالَةٌ لِأَحَدِ قَوْلَيِ الْعُلَمَاءِ وَهُوَ الْقَدِيمُ عَنِ الشَّافِعِيِّ : أَنَّ الْمُولِيَ إِذَا فَاءَ بَعْدَ الْأَرْبَعَةِ الْأَشْهَرِ أَنَّهُ لَا كَفَّارَةَ عَلَيْهِ . وَيَعْتَضِدُ بِمَا تَقَدَّمَ فِي الْآيَةِ الَّتِي قَبْلَهَا ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " مَنْ حَلَفَ عَلَى يَمِينٍ فَرَأَى غَيْرَهَا خَيْرًا مِنْهَا فَتَرْكُهَا كَفَّارَتُهَا " كَمَا رَوَاهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ وَهُوَ الْجَدِيدُ مِنْ مَذْهَبِ الشَّافِعِيِّ أَنَّ عَلَيْهِ الْكُفَّارَةَ لِعُمُومِ وُجُوبِ التَّكْفِيرِ عَلَى كُلِّ حَالِفٍ ، كَمَا تَقَدَّمَ أَيْضًا فِي الْأَحَادِيثِ الصِّحَاحِ . وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
وَقَدْ ذَكَرَ الْفُقَهَاءُ وَغَيْرُهُمْ فِي مُنَاسَبَةِ تَأْجِيلِ الْمُولِي بِأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ الْأَثَرَ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ مَالِكُ بْنُ أَنَسٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي الْمُوَطَّأِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ قَالَ : خَرَجَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ مِنَ اللَّيْلِ فَسَمِعَ امْرَأَةً تَقُولُ :

تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَاسْوَدَّ جَانِبُهْ وَأَرَّقَنِي أَلَّا خَلِيلَ أُلَاعِبُهْ فَوَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ أَنِّي أُرَاقِبَهْ لَحُرِّكَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ وَانْفَرَدَ مَالِكٌ بِأَنْ قَالَ : لَا يَجُوزُ لَهُ رَجْعَتُهَا حَتَّى يُجَامِعَهَا فِي الْعِدَّةِ وَهَذَا غَرِيبٌ جِدًّا .[ ص: 605 ]
فَسَأَلَ عُمَرُ ابْنَتَهُ حَفْصَةَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : كَمْ أَكْثَرَ مَا تَصْبِرُ الْمَرْأَةُ عَنْ زَوْجِهَا ؟ فَقَالَتْ : سِتَّةُ أَشْهُرٍ أَوْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ . فَقَالَ عُمَرُ : لَا أَحْبِسُ أَحَدًا مِنَ الْجُيُوشِ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ .
وَقَالَ : مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ ، عَنِ السَّائِبِ بْنِ جُبَيْرٍ ، مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ وَكَانَ قَدْ أَدْرَكَ أَصْحَابَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : مَا زِلْتُ أَسْمَعُ حَدِيثَ عُمَرَ أَنَّهُ خَرَجَ ذَاتَ لَيْلَةٍ يَطُوفُ بِالْمَدِينَةِ ، وَكَانَ يَفْعَلُ ذَلِكَ كَثِيرًا ; إِذْ مَرَّ بِامْرَأَةٍ مِنْ نِسَاءِ الْعَرَبِ مُغْلِقَةٍ بَابَهَا [ وَهِيَ ] تَقُولُ .
تَطَاوَلَ هَذَا اللَّيْلُ وَازْوَرَّ جَانِبُهْ 
وَأَرَّقَنِي أَلَّا ضَجِيعَ أُلَاعِبُهْ
أُلَاعِبُهُ طُورًا وَطُورًا كَأَنَّمَا 
بَدَا قَمَرًا فِي ظُلْمَةِ اللَّيْلِ حَاجِبُهْ
يُسَرُّ بِهِ مَنْ كَانَ يَلْهُو بِقُرْبِهِ 
لَطِيفُ الْحَشَا لَا يَحْتَوِيهِ أَقَارِبُهْ
فَوَاللَّهِ لَوْلَا اللَّهُ لَا شَيْءَ غَيْرُهُ 
لَنُقِضَ مِنْ هَذَا السَّرِيرِ جَوَانِبُهْ
وَلَكِنَّنِي أَخْشَى رَقِيبًا مُوَكَّلًا 
ابِأَنْفُسِنَا لَا يَفْتُرُ الدَّهْرَ كَاتِبُهْ



ثُمَّ ذَكَرَ بَقِيَّةَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ ، أَوْ نَحْوَهُ . وَقَدْ رَوَى هَذَا مِنْ طَرْقٍ ، وَهُوَ مِنَ الْمَشْهُورَاتِ .

وَقَوْلُهُ : ( وَإِنْ عَزَمُوا الطَّلَاقَ فِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ لَا يَقَعُ الطَّلَاقُ بِمُجَرَّدِ مُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ كَقَوْلِ الْجُمْهُورِ ، وَذَهَبَ آخَرُونَ إِلَى أَنَّهُ يَقَعُ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ تَطْلِيقَةً ، وَهُوَ مَرْوِيٌّ بِأَسَانِيدَ صَحِيحَةٍ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ سِيرِينَ ، [ وَمَسْرُوقٌ ] وَالْقَاسِمُ ، وَسَالِمٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، وَقَتَادَةُ ، وَشُرَيْحٌ الْقَاضِي ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ ، وَعَطَاءٌ ، وَأَبُو سَلَمَةَ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ طَرْخَانَ التَّيْمِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، وَالسُّدِّيُّ .

ثُمَّ قِيلَ : إِنَّهَا تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ طَلْقَةً رَجْعِيَّةً ; قَالَهُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ ، وَمَكْحُولٌ ، وَرَبِيعَةُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَمَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ . وَقِيلَ إِنَّهَا تُطَلُّقُ طَلْقَةً بَائِنَةً ، رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَعُثْمَانَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَبِهِ يَقُولُ : عَطَاءٌ وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَمَسْرُوقٌ وَعِكْرِمَةُ ، وَالْحَسَنُ ، وَابْنُ سِيرِينَ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ الْحَنَفِيَّةِ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، وَكُلُّ مَنْ قَالَ : إِنَّهَا تُطَلَّقُ بِمُضِيِّ الْأَرْبَعَةِ أَشْهُرٍ أَوْجَبَ عَلَيْهَا الْعِدَّةَ ، إِلَّا مَا رُوِيَ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي الشَّعْثَاءِ : أَنَّهَا إِنْ كَانَتْ حَاضَتْ ثَلَاثَ حِيَضٍ فَلَا عِدَّةَ عَلَيْهَا ، وَهُوَ قَوْلُ الشَّافِعِيِّ ، وَالَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُورُ أَنَّهُ يُوقَفُ فَيُطَالَبُ إِمَّا بِهَذَا أَوْ هَذَا وَلَا يَقَعُ عَلَيْهَا بِمُجَرَّدِ مُضِيِّهَا طَلَاقٌ[ ص: 606 ]

وَرَوَى مَالِكٌ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : إِذَا آلَى الرَّجُلُ مِنَ امْرَأَتِهِ لَمْ يَقَعْ عَلَيْهِ طَلَاقٌ وَإِنْ مَضَتْ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ ، حَتَّى يُوقَفَ ، فَإِمَّا أَنْ يُطَلِّقَ ، وَإِمَّا أَنْ يَفِيءَ . وَأَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ .

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ بْنُ عُيَيْنَةَ ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ قَالَ : أَدْرَكْتُ بِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كُلُّهُمْ يُوقِفُ الْمُولِي قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَقَلُّ ذَلِكَ ثَلَاثَةَ عَشَرَ . وَرَوَاهُ الشَّافِعِيُّ عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ : أَنَّهُ وَقَفَ الْمُولِيَ . ثُمَّ قَالَ : وَهَكَذَا نَقُولُ ، وَهُوَ مُوَافِقٌ لِمَا رَوَيْنَاهُ عَنْ عُمَرَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَعَائِشَةَ ، وَعَنْ عُثْمَانَ ، وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَبِضْعَةَ عَشَرَ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . هَكَذَا قَالَ الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَيُّوبَ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ ، عَنْ أَبِيهِ قَالَ : سَأَلْتُ اثْنَيْ عَشَرَ رَجُلًا مِنَ الصَّحَابَةِ عَنِ الرَّجُلِ يُولِي مِنَ امْرَأَتِهِ ، فَكُلُّهُمْ يَقُولُ : لَيْسَ عَلَيْهِ شَيْءٌ حَتَّى تَمْضِيَ أَرْبَعَةُ أَشْهُرٍ فَيُوقَفُ ، فَإِنْ فَاءَ وَإِلَّا طَلَّقَ . وَرَوَاهُ الدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِ سُهَيْلٍ .

قُلْتُ : وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ عُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعَائِشَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ ، وَابْنِ عُمَرَ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ . وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَمُحَمَّدُ بْنُ كَعْبٍ ، وَالْقَاسِمُ . وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَأَصْحَابِهِمْ ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، وَهُوَ اخْتِيَارُ ابْنِ جَرِيرٍ أَيْضًا ، وَهُوَ قَوْلُ اللَّيْثِ [ بْنِ سَعْدٍ ] وَإِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْهِ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَدَاوُدَ ، وَكُلُّ هَؤُلَاءِ قَالُوا : إِنْ لَمْ يَفِئْ أُلْزِمَ بِالطَّلَاقِ ، فَإِنْ لَمْ يُطَلِّقْ طَلَّقَ عَلَيْهِ الْحَاكِمُ ، وَالطَّلْقَةُ تَكُونُ رَجْعِيَّةً لَهُ رَجْعَتُهَا فِي الْعِدَّةِ .
143

دليل مواقع أحكام الطلاق
دليل مواقع الطلاق للعدة2
تنزيل كتاب أحكام الطلاق بسورة الطلاق
حمل كناب احكام الطلاق الحائرة عند الناس بين سورة البقرة وسورة الطلاق
حمل كتاب الطلاق الشامل من مشكاة
حمل كتاب الطلاق الشامل.rar
وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ( 228
هَذَا الْأَمْرُ مِنَ اللَّهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لِلْمُطَلَّقَاتِ الْمَدْخُولِ بِهِنَّ مِنْ ذَوَاتِ الْأَقْرَاءِ ، بِأَنْ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ، أَيْ : بِأَنْ تَمْكُثَ إِحْدَاهُنَّ بَعْدَ طَلَاقِ زَوْجِهَا لَهَا ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ ; ثُمَّ تَتَزَوَّجَ إِنَّ شَاءَتْ ، وَقَدْ أَخْرَجَ الْأَئِمَّةُ الْأَرْبَعَةُ مِنْ هَذَا الْعُمُومِ الْأَمَةَ إِذَا طُلِّقَتْ ، فَإِنَّهَا تُعْتَدُّ عِنْدَهُمْ بِقُرْءَيْنِ ، لِأَنَّهَا عَلَى النِّصْفِ مِنَ الْحُرَّةِ ، وَالْقُرْءُ لَا يَتَبَعَّضُ فَكُمِّلَ لَهَا قُرْءَانِ . وَلِمَا رَوَاهُ ابْنُ جُرَيْحٍ عَنْ مُظَاهِرِ بْنِ أَسْلَمَ الْمَخْزُومِيِّ الْمَدَنِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " طَلَاقُ الْأَمَةِ تَطْلِيقَتَانِ وَعِدَّتُهَا حَيْضَتَانِ "[ص:607]
قلت المدون:

أحكام سورة البقرة
1.كانت أي كانت سورة البقرة هي المنسوخ منها أحكام الطلاق التي نزلت فيها  وتم النسخ بواسطة سورة الطلاق لأن سورة الطلاق جاءت متراخية في زمن النزول عن سورة البقرة حيث نزلت سورة البقرة في العام الثاني هجريا (2هـ)تقريبا بينما نزلت سورة الطلاق في العام الخامس هجري(5هـ)تقريبا فالسورة ناسخة لأحكام الطلاق في سورة البقرة لنزولها بعدها زمنيا مع تناول نفس الموضوعات بشكل مُبَدَل. ويعني أن أحكام الطلاق  فيها منسوخة بالتبديل
2.أحكام الطلاق فيها منسوخة
3.نوع النسخ بالتبديل 
4.فيها أحكام مُتَبَدِلة 
5.موضع العدة (بعد التطليق)
التطليق ثم العدة ثم التسريح
6.العدة نفسها ثلاثة قروء للمرأة التي تحيض(لكنها كانت بعد التطليق)
7.   كانت الزيادات التالية في  العدد ممتنعة:
أ)لم يكن فيها عدة اليائسة من المحيض
ب)لم يكن فيها عدة الصغيرة التي لم تحيض
ج)لم يكن فيها عدة الحامل
8.كان الزوج يُطَلِق إذا أراد  ثم تعتد الزوجة المطلقة 
9.كان حكم إحصاء العدة للطلاق منعدما
10.الإحصاء كان منعدما وكان الزوج يُطَلِّق أولا(سورة البقرة)
11.التطليق كان في أول العدة لذا لم يكن هناك ضرورة للإحصاء (سورة البقرة)
12.لأن الإحصاء هو تكليف بالتسريح في نهاية المعدود(سورة البقرة)
13.لم يكن الإحصاء لازماً للتطليق لأن التطليق كان في صدر العدة(سورة البقرة)
14.كان التطليق في أول العدة ولم يكن هناك إحصاء(سورة البقرة)
15.كان بلوغ الأجل ليس فرضا في وقوع التطليق لأنه وقع فعلاً في صدرالعدة لكنه كان لازماً للتسريح (سورة البقرة)
16.كان التكليف لمن طلق فعلاً بالشكل التالي:
أي كان ذلك سابقا في سورة البقرة:(سورالبقرة)وكان:
 
تطليق  أولا ثم عدة استبراء ثم تسريح في(سورة البقرة)
17.كان التسريح في سورة البقرة يدل علي
 تفريق المطلقين أي تفريق بعد تطليق 
لأن التسريح يدل علي تحريم الزوجة المطلقة تماما بعد تحريمها أولا بالتطليق
18.كانت ترتيبات الطلاق هي:
تطليق أولاً
ثم عدة استبراء:
 لايحصيها تكليفا إلا الزوجة 
ثم التسريح  
19.كانت المرأة لا تحل للأزواج إلا بعد قضاء عدة استبراء ثم تصل الي نهاية عدة الإستبراء وهي موكولة الي تقواها وضميرها لقوله تعالي(ولا يكتمن ما خلق الله في أرحامهن إن كن يؤمن بالله واليوم الآخر) فتُسَرَّح أي تخرج مطلقة من محبسها بعد خروجها من مربطها(معني التسريح في لسان العرب) 
   
20.ترتيبات حل المطلقة للأزواج في تشريع( سورة البقرة) هي: كانت
يطلقها زوجها فتصير مطلقة  أولا ثم
تعتد استبراءا لرحمها ثم: ثم تُسَرَّح     
فتحل للأزواج بما فيهم مُطلقها مالم يصل بها الي التطليقة الثالثة لأنه إن طلقها ثلاثا فلن تحل له حتي تنكح زوجا غيره بوطء وعسيلة ويلاحظ انعدام الإشهاد في تشريعات سورة البقرة 
21.وعليه فقد كانت المُطلقة(في تشريع سورة البقرة) لا تحل للأزواج إلا بعد عدة استبراء كانت هي المُكَلَفَةُ دون زوجها بإحصائها والوصول الي نهايتها حتي تُسَرَّح ، ويلاحظ أن هذه المدة(العدة) كانت فقد من عمرها لا ذنب لها فيه غير كونها وعاءاً لطفل مُطلِقَهَا الذي طلقها وذهب حرااً لا قيد عليه ، وسنري أن الله تعالي قد بَدَّلَ هذالفقد في حياة الزوجة التي طلقها زوجها حين سيادة أحكام سورة البقرة بإدخال هذه المدة (العدة)في حسابها حين تنزلت (سورة الطلاق) لا تفقد المرأةُ منها شيئا وذلك بإحصائهما
هما الاثنين وهما ما يزالا زوجين لعدة تتصدر التطليق وتحول بينه وبين طلاق امرإته مدتها
*والعدد الجديدة(المنزلة في سورة الطلاق) هي:[سيأتي يعد عدة اسطر في خصائص أحكام الطلاق في سورة الطلاق]...
رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ . وَلَكِنْ مُظَاهِرٌ هَذَا ضَعِيفٌ بِالْكُلِّيَّةِ . وَقَالَ الْحَافِظُ الدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُ : الصَّحِيحُ أَنَّهُ مِنْ قَوْلِ الْقَاسِمِ بْنِ مُحَمَّدٍ نَفْسِهِ .

وَرَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَطِيَّةَ الْعَوْفِيِّ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا . قَالَ الدَّارَقُطْنِيُّ : وَالصَّحِيحُ مَا رَوَاهُ سَالِمٌ وَنَافِعٌ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَوْلَهُ . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ . قَالُوا : وَلَمْ يُعْرَفْ بَيْنَ الصَّحَابَةِ خِلَافٌ . وَقَالَ بَعْضُ السَّلَفِ : بَلْ عِدَّتُهَا كَعِدَّةِ الْحُرَّةِ لِعُمُومِ الْآيَةِ ; وَلِأَنَّ هَذَا أَمُرُّ جِبِلِّيٌّ فَكَانَ الْإِمَاءُ وَالْحَرَائِرُ فِي هَذَا سَوَاءً ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ ، حَكَى هَذَا الْقَوْلَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ وَبَعْضُ أَهْلِ الظَّاهِرِ ، وَضَعَّفَهُ .

وَقَدْ قَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا أَبُو الْيَمَانِ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ يَعْنِي ابْنَ عَيَّاشٍ عَنْ عَمْرِو بْنِ مُهَاجِرٍ ، عَنْ أَبِيهِ : أَنَّ أَسْمَاءَ بِنْتَ يَزِيدَ بْنِ السَّكَنِ الْأَنْصَارِيَّةَ قَالَتْ : طُلِّقْتُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، وَلَمْ يَكُنْ لِلْمُطَلَّقَةِ عِدَّةٌ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ ، عَزَّ وَجَلَّ ، حِينَ طُلِّقَتْ أَسْمَاءُ الْعِدَّةَ لِلطَّلَاقِ ، فَكَانَتْ أَوَّلَ مَنْ نَزَلَتْ فِيهَا الْعِدَّةُ لِلطَّلَاقِ ، يَعْنِي : وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ . هَذَا حَدِيثٌ غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

وَقَدِ اخْتَلَفَ السَّلَفُ وَالْخَلَفُ وَالْأَئِمَّةُ فِي الْمُرَادِ بِالْأَقْرَاءِ مَا هُوَ ؟ عَلَى قَوْلَيْنِ :

أَحَدُهُمَا : أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا : الْأَطْهَارُ ، وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ أَنَّهَا قَالَتِ : انْتَقَلَتْ حَفْصَةُ بِنْتُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، حِينَ دَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، قَالَ الزُّهْرِيُّ : فَذَكَرْتُ ذَلِكَ لِعَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، فَقَالَتْ : صَدَقَ عُرْوَةُ . وَقَدْ جَادَلَهَا فِي ذَلِكَ نَاسٌ فَقَالُوا : إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ : ( ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ فَقَالَتْ عَائِشَةُ : صَدَقْتُمْ ، وَتَدْرُونَ مَا الْأَقْرَاءُ ؟ إِنَّمَا الْأَقْرَاءُ : الْأَطْهَارُ .

وَقَالَ مَالِكٌ : عَنِ ابْنِ شِهَابٍ ، سَمِعْتُ أَبَا بَكْرِ بْنَ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَقُولُ : مَا أَدْرَكْتُ أَحَدًا مِنْ فُقَهَائِنَا إِلَّا وَهُوَ يَقُولُ ذَلِكَ ، يُرِيدُ قَوْلَ عَائِشَةَ . وَقَالَ مَالِكٌ : عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ فَدَخَلَتْ فِي الدَّمِ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ فَقَدْ بَرِئَتْ مِنْهُ وَبَرِئَ مِنْهَا . وَقَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الْأَمْرُ عِنْدَنَا . وَرُوِيَ مِثْلُهُ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ وَزَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ ، وَسَالِمٍ ، وَالْقَاسِمِ ، وَعُرْوَةَ ، وَسُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، وَأَبِي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَأَبَانَ بْنِ عُثْمَانَ ، وَعَطَاءِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ ، وَقَتَادَةَ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَبَقِيَّةِ الْفُقَهَاءِ السَّبْعَةِ ، وَهُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ [ وَغَيْرِ وَاحِدٍ ، وَدَاوُدَ وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَهُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ ، وَاسْتَدَلُّوا عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ ) [ الطَّلَاقِ : 1 ] أَيْ : فِي الْأَطْهَارِ . وَلَمَّا كَانَ الطُّهْرُ الَّذِي يُطَلَّقُ فِيهِ مُحْتَسَبًا ، دَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَحَدُ الْأَقْرَاءِ الثَّلَاثَةِ الْمَأْمُورِ بِهَا ; وَلِهَذَا قَالَ هَؤُلَاءِ : إِنَّ الْمُعْتَدَّةَ [ ص: 608 ] تَنْقَضِي عِدَّتُهَا وَتَبِينُ مِنْ زَوْجِهَا بِالطَّعْنِ فِي الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، وَأَقَلُّ مُدَّةٍ تُصَدَّقُ فِيهَا الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا اثْنَانِ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَتَانِ ] .

وَاسْتَشْهَدَ أَبُو عُبَيْدٍ وَغَيْرُهُ عَلَى ذَلِكَ بِقَوْلِ الشَّاعِرِ وَهُوَ الْأَعْشَى :
فَفِي كُلِّ عَامٍ أَنْتَ جَاشِمُ غَزْوَةٍ تَشُدُّ لِأَقْصَاهَا عَزِيمَ عَزَائِكَا مُوَرَّثَةً عَدًّا ، وَفِي الْحَيِّ رِفْعَةٌ لَمَّا
ضَاعَ فِيهَا مِنْ قُرُوءِ نِسَائِكَا

يَمْدَحُ أَمِيرًا مِنْ أُمَرَاءِ الْعَرَبِ آثَرَ الْغَزْوَ عَلَى الْمَقَامِ ، حَتَّى ضَاعَتْ أَيَّامَ الطُّهْرِ مِنْ نِسَائِهِ لَمْ يُوَاقِعْهُنَّ فِيهَا .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَقْرَاءِ : الْحَيْضُ ، فَلَا تَنْقَضِي الْعِدَّةُ حَتَّى تُطْهُرَ مِنَ الْحَيْضَةِ الثَّالِثَةِ ، زَادَ آخَرُونَ : وَتَغْتَسِلَ مِنْهَا . وَأَقَلُّ وَقْتٍ تُصَدَّقُ فِيهِ الْمَرْأَةُ فِي انْقِضَاءِ عِدَّتِهَا ثَلَاثَةٌ وَثَلَاثُونَ يَوْمًا وَلَحْظَةٌ . قَالَ الثَّوْرِيُّ : عَنْ مَنْصُورٍ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ قَالَ : كُنَّا عِنْدَ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَجَاءَتْهُ امْرَأَةٌ فَقَالَتْ : إِنْ زَوْجِي فَارَقَنِي بِوَاحِدَةٍ أَوِ اثْنَتَيْنِ فَجَاءَنِي [ وَقَدْ وَضَعَتُ مَائِي ] وَقَدْ نَزَعْتُ ثِيَابِي وَأَغْلَقْتُ بَابِي . فَقَالَ عُمَرُ لِعَبْدِ اللَّهِ يَعْنِي ابْنَ مَسْعُودٍ [ مَا تَرَى ؟ قَالَ ] : أَرَاهَا امْرَأَتَهُ ، مَا دُونُ أَنْ تَحِلَّ لَهَا الصَّلَاةُ . قَالَ [ عُمَرُ : ] وَأَنَا أَرَى ذَلِكَ .

وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي بَكْرٍ الصَّدِيقِ ، وَعُمَرَ ، وَعُثْمَانَ ، وَعَلِيٍّ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ ، وَعُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، وَأَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَمُعَاذٍ ، وَأُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ ، وَأَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَعَلْقَمَةَ ، وَالْأَسْوَدِ ، وَإِبْرَاهِيمَ ، وَمُجَاهِدٍ ، وَعَطَاءٍ ، وَطَاوُسٍ ، وَسَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ ، وَعِكْرِمَةَ ، وَمُحَمَّدِ بْنِ سِيرِينَ ، وَالْحَسَنِ ، وَقَتَادَةَ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَالرَّبِيعِ ، وَمُقَاتِلِ بْنِ حَيَّانَ ، وَالسُّدِّيِّ ، وَمَكْحُولٍ ، وَالضَّحَّاكِ ، وَعَطَاءٍ الْخُرَاسَانِيِّ ، أَنَّهُمْ قَالُوا : الْأَقْرَاءُ : الْحَيْضُ .

وَهَذَا مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَأَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَحَكَى عَنْهُ الْأَثْرَمُ أَنَّهُ قَالَ : الْأَكَابِرُ مِنْ أَصْحَابِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُونَ : الْأَقْرَاءُ الْحَيْضُ . وَهُوَ مَذْهَبُ الثَّوْرِيِّ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ ، وَابْنِ أَبِي لَيْلَى ، وَابْنِ شُبْرُمَةَ ، وَالْحَسَنِ بْنِ صَالِحِ بْنِ حَيٍّ ، وَأَبِي عُبَيْدٍ ، وَإِسْحَاقَ ابْنِ رَاهْوَيْهِ .

وَيُؤَيِّدُ هَذَا مَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ طَرِيقِ الْمُنْذِرِ بْنِ الْمُغِيرَةِ ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ ، عَنْ فَاطِمَةَ بِنْتِ أَبِي حُبَيْشٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ لَهَا : " دَعِي الصَّلَاةَ أَيَّامَ [ ص: 609 ] أَقْرَائِكِ " . فَهَذَا لَوْ صَحَّ لَكَانَ صَرِيحًا فِي أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الْحَيْضُ ، وَلَكِنَّ الْمُنْذِرَ هَذَا قَالَ فِيهِ أَبُو حَاتِمٍ : مَجْهُولٌ لَيْسَ بِمَشْهُورٍ . وَذَكَرَهُ ابْنُ حِبَّانَ فِي الثِّقَاتِ .

وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : أَصْلُ الْقُرْءِ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ : " الْوَقْتُ لِمَجِيءِ الشَّيْءِ الْمُعْتَادِ مَجِيئُهُ فِي وَقْتٍ مَعْلُومٍ ، وَلِإِدْبَارِ الشَّيْءِ الْمُعْتَادِ إِدْبَارُهُ لِوَقْتٍ مَعْلُومٍ " . وَهَذِهِ الْعِبَارَةُ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مُشْتَرِكًا بَيْنَ هَذَا وَهَذَا ، وَقَدْ ذَهَبَ إِلَيْهِ بَعْضُ [ الْعُلَمَاءِ ] الْأُصُولِيِّينَ فَاللَّهُ أَعْلَمُ . وَهَذَا قَوْلُ الْأَصْمَعِيِّ : أَنَّ الْقُرْءَ هُوَ الْوَقْتُ . وَقَالَ أَبُو عَمْرِو بْنُ الْعَلَاءِ : الْعَرَبُ تُسَمِّي الْحَيْضَ : قُرْءًا ، وَتُسَمِّي الطُّهْرَ : قُرْءًا ، وَتُسَمِّي الْحَيْضَ مَعَ الطُّهْرِ جَمِيعًا : قُرْءًا . وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : لَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِلِسَانِ الْعَرَبِ وَالْفُقَهَاءِ أَنَّ الْقُرْءَ يُرَادُ بِهِ الْحَيْضَ وَيُرَادُ بِهِ الطُّهْرَ ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْمُرَادِ مِنَ الْآيَةِ مَا هُوَ عَلَى قَوْلَيْنِ .

وَقَوْلُهُ : ( وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ أَيْ : مِنْ حَبَلٍ أَوْ حَيْضٍ . قَالَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ عُمَرَ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَالْحَكَمُ بْنُ عُيَيْنَةَ وَالرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَغَيْرُ وَاحِدٍ .

وَقَوْلُهُ : ( إِنْ كُنَّ يُؤْمِنَّ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ تَهْدِيدٌ لَهُنَّ عَلَى قَوْلِ خِلَافِ الْحَقِّ . وَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنَّ الْمَرْجِعَ فِي هَذَا إِلَيْهِنَّ ; لِأَنَّهُ أَمْرٌ لَا يُعْلَمُ إِلَّا مِنْ جِهَتَيْنِ ، وَتَتَعَذَّرُ إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ غَالِبًا عَلَى ذَلِكَ ، فَرَدَّ الْأَمْرَ إِلَيْهِنَّ ، وَتُوُعِّدْنَ فِيهِ ، لِئَلَّا تُخْبِرَ بِغَيْرِ الْحَقِّ إِمَّا اسْتِعْجَالًا مِنْهَا لِانْقِضَاءِ الْعِدَّةِ ، أَوْ رَغْبَةً مِنْهَا فِي تَطْوِيلِهَا ، لِمَا لَهَا فِي ذَلِكَ مِنَ الْمَقَاصِدِ . فَأُمِرَتْ أَنْ تُخْبِرَ بِالْحَقِّ فِي ذَلِكَ مِنْ غَيْرِ زِيَادَةٍ وَلَا نُقْصَانٍ .

وَقَوْلُهُ : ( وَبُعُولَتُهُنَّ أَحَقُّ بِرَدِّهِنَّ فِي ذَلِكَ إِنْ أَرَادُوا إِصْلَاحًا أَيْ : وَزَوْجُهَا الَّذِي طَلَّقَهَا أَحَقُّ بِرِدَّتِهَا مَا دَامَتْ فِي عِدَّتِهَا ، إِذَا كَانَ مُرَادُهُ بِرِدَّتِهَا الْإِصْلَاحَ وَالْخَيْرَ . وَهَذَا فِي الرَّجْعِيَّاتِ . فَأَمَّا الْمُطَلَّقَاتُ الْبَوَائِنُ فَلَمْ يَكُنْ حَالَ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ مُطَلَّقَةٌ بَائِنٌ ، وَإِنَّمَا صَارَ ذَلِكَ لَمَّا حُصِرُوا فِي الطَّلَقَاتِ الثَّلَاثِ ، فَأَمَّا حَالُ نُزُولِ هَذِهِ الْآيَةِ فَكَانَ الرَّجُلُ أَحَقَّ بِرَجْعَةِ امْرَأَتِهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ ، فَلَمَّا قُصِرُوا فِي الْآيَةِ الَّتِي بَعْدَهَا عَلَى ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ صَارَ لِلنَّاسِ مُطَلَّقَةٌ بَائِنٌ وَغَيْرُ بَائِنٍ . وَإِذَا تَأَمَّلْتَ هَذَا تَبَيَّنَ لَكَ ضَعْفُ مَا سَلَكَهُ بَعْضُ الْأُصُولِيِّينَ ، مِنَ اسْتِشْهَادِهِمْ عَلَى مَسْأَلَةِ عَوْدِ الضَّمِيرِ هَلْ يَكُونُ مُخَصَّصًا لِمَا تَقَدَّمَهُ مَنْ لَفْظِ الْعُمُومِ أَمْ لَا ؟ بِهَذِهِ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ ، فَإِنَّ التَّمْثِيلَ بِهَا غَيْرُ مُطَابِقٍ لِمَا ذَكَرُوهُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ أَيْ : وَلَهُنَّ عَلَى الرِّجَالِ مِنَ الْحَقِّ مِثْلُ مَا لِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ ، فَلْيُؤَدِّ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا إِلَى الْآخَرِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ بِالْمَعْرُوفِ ، كَمَا ثَبَتَ فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ ، عَنْ جَابِرٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ فِي خُطْبَتِهِ ، فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ : " فَاتَّقُوا اللَّهَ فِي النِّسَاءِ ، فَإِنَّكُمْ أَخَذْتُمُوهُنَّ بِأَمَانَةِ اللَّهِ ، وَاسْتَحْلَلْتُمْ فُرُوجَهُنَّ بِكَلِمَةِ اللَّهِ ، وَلَكُمْ عَلَيْهِنَّ أَلَّا يُوطِئْنَ فُرُشَكُمْ أَحَدًا تَكْرَهُونَهُ ، فَإِنْ فَعَلْنَ ذَلِكَ فَاضْرِبُوهُنَّ ضَرْبًا غَيْرَ مُبَرِّحٍ ، وَلَهُنَّ رِزْقُهُنَّ وَكِسَوْتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ " . وَفِي حَدِيثِ بِهَزِ بْنِ حَكِيمٍ ، عَنْ مُعَاوِيَةَ بْنِ حَيْدَةَ الْقُشَيْرِيِّ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ ، أَنَّهُ قَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا حَقُّ زَوْجَةِ أَحَدِنَا ؟ [ ص: 610 ] قَالَ : " أَنْ تُطْعِمَهَا إِذَا طَعِمْتَ ، وَتَكْسُوَهَا إِذَا اكْتَسَيْتَ ، وَلَا تَضْرِبَ الْوَجْهَ ، وَلَا تُقَبِّحَ ، وَلَا تَهْجُرَ إِلَّا فِي الْبَيْتِ " . وَقَالَ وَكِيعٌ عَنْ بَشِيرِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ أَتَزَيَّنَ لِلْمَرْأَةِ كَمَا أُحِبُّ أَنْ تَتَزَيَّنَ لِيَ الْمَرْأَةُ ; لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ : ( وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ .

وَقَوْلُهُ : ( وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ أَيْ : فِي الْفَضِيلَةِ فِي الْخُلُقِ ، وَالْمَنْزِلَةِ ، وَطَاعَةِ الْأَمْرِ ، وَالْإِنْفَاقِ ، وَالْقِيَامِ بِالْمَصَالِحٍ ، وَالْفَضْلِ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( الرِّجَالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّسَاءِ بِمَا فَضَّلَ اللَّهُ بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ وَبِمَا أَنْفَقُوا مِنْ أَمْوَالِهِمْ ) [ النِّسَاءِ : 34 ] .

وَقَوْلُهُ : وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ أَيْ : عَزِيزٌ فِي انْتِقَامِهِ مِمَّنْ عَصَاهُ وَخَالَفَ أَمْرَهُ ، حَكِيمٌ فِي أَمْرِهِ وَشَرْعِهِ وَقَدْرِهِ .
144

الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ ( 229 ) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ ( 230 )

هَذِهِ الْآيَةُ الْكَرِيمَةُ رَافِعَةٌ لِمَا كَانَ عَلَيْهِ الْأَمْرُ فِي ابْتِدَاءِ الْإِسْلَامِ ، مِنْ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ أَحَقُّ بِرَجْعَةِ امْرَأَتِهِ ، وَإِنْ طَلَّقَهَا مِائَةَ مَرَّةٍ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ، فَلَمَّا كَانَ هَذَا فِيهِ ضَرَرٌ عَلَى الزَّوْجَاتِ قَصَرَهُمُ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِلَى ثَلَاثِ طَلْقَاتٍ ، وَأَبَاحَ الرَّجْعَةَ فِي الْمَرَّةِ وَالثِّنْتَيْنِ ، وَأَبَانَهَا بِالْكُلِّيَّةِ فِي الثَّالِثَةِ ، فَقَالَ : الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ

قَالَ أَبُو دَاوُدَ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي سُنَنِهِ : " بَابٌ فِي نَسْخِ الْمُرَاجِعَةِ بَعْدَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ " : حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمَرْوَزِيُّ ، حَدَّثَنِي عَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ بْنِ وَاقِدٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ يَزِيدَ النَّحْوِيِّ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : ( وَالْمُطَلَّقَاتُ يَتَرَبَّصْنَ بِأَنْفُسِهِنَّ ثَلَاثَةَ قُرُوءٍ وَلَا يَحِلُّ لَهُنَّ أَنْ يَكْتُمْنَ مَا خَلَقَ اللَّهُ فِي أَرْحَامِهِنَّ الْآيَةَ : وَذَلِكَ أَنَّ الرَّجُلَ كَانَ إِذَا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ فَهُوَ أَحَقُّ بِرَجْعَتِهَا ، وَإِنْ طَلَّقَهَا ثَلَاثًا ، فَنُسِخَ ذَلِكَ فَقَالَ : الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ الْآيَةَ .

وَرَوَاهُ النَّسَائِيُّ عَنْ زَكَرِيَّا بْنِ يَحْيَى ، عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، عَنْ عَلِيِّ بْنِ الْحُسَيْنِ ، بِهِ .[ ص: 611 ]

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا هَارُونُ بْنُ إِسْحَاقَ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ يَعْنِي ابْنَ سُلَيْمَانَ عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، أَنَّ رَجُلًا قَالَ لِامْرَأَتِهِ : لَا أُطَلِّقُكِ أَبَدًا وَلَا آوِيكِ أَبَدًا . قَالَتْ : وَكَيْفَ ذَلِكَ ؟ قَالَ : أُطَلِّقُكِ ، حَتَّى إِذَا دَنَا أَجَلُكِ رَاجَعْتُكِ . فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرَتْ ذَلِكَ فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ )

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ مِنْ طَرِيقِ جَرِيرِ بْنِ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، وَابْنِ إِدْرِيسَ . وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ عَوْنٍ ، كُلُّهُمْ عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ . قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ أَحَقَّ بِرَجْعَةِ امْرَأَتِهِ وَإِنْ طَلَّقَهَا مَا شَاءَ ، مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ، وَإِنَّ رَجُلًا مِنَ الْأَنْصَارِ غَضِبَ عَلَى امْرَأَتِهِ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَا آوِيكِ وَلَا أُفَارِقُكِ . قَالَتْ : وَكَيْفَ ذَلِكَ . قَالَ : أُطَلِّقُكِ فَإِذَا دَنَا أَجَلُكِ رَاجَعْتُكِ ، ثُمَّ أُطَلِّقُكِ ، فَإِذَا دَنَا أَجَلُكِ رَاجَعْتُكِ . فَذَكَرَتْ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ قَالَ : فَاسْتَقْبَلَ النَّاسُ الطَّلَاقَ ، مَنْ كَانَ طَلَّقَ وَمَنْ لَمْ يَكُنْ طَلَّقَ .

وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ ، مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سُلَيْمَانَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَبِيبٍ مَوْلَى الزُّبَيْرِ عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ فَذَكَرَهُ بِنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ . وَرَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، عَنْ قُتَيْبَةَ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَبِيبٍ بِهِ . ثُمَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، عَنِ ابْنِ إِدْرِيسَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ مُرْسَلًا . قَالَ : هَذَا أَصَحُّ . وَرَوَاهُ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ ، مِنْ طَرِيقِ يَعْقُوبَ بْنِ حُمَيْدِ بْنِ كَاسِبٍ ، عَنْ يَعْلَى بْنِ شَبِيبٍ بِهِ ، وَقَالَ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ .

ثُمَّ قَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا إِسْمَاعِيلُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا سَلَمَةَ بْنُ الْفَضْلِ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : لَمْ يَكُنْ لِلطَّلَاقِ وَقْتٌ ، يُطَلِّقُ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ ثُمَّ يُرَاجِعُهَا مَا لَمْ تَنْقُضِ الْعِدَّةُ ، وَكَانَ بَيْنَ رَجُلٍ مِنَ الْأَنْصَارِ وَبَيْنَ أَهْلِهِ بَعْضُ مَا يَكُونُ بَيْنَ النَّاسِ فَقَالَ : وَاللَّهِ لَأَتْرُكَنَّكِ لَا أَيِّمًا وَلَا ذَاتَ زَوْجٍ ، فَجَعَلَ يُطَلِّقُهَا حَتَّى إِذَا كَادَتِ الْعِدَّةُ أَنْ تَنْقَضِيَ رَاجَعَهَا ، فَفَعَلَ ذَلِكَ مِرَارًا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ فِيهِ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ فَوَقَّتَ الطَّلَاقَ ثَلَاثًا لَا رَجْعَةَ فِيهِ بَعْدَ الثَّالِثَةِ ، حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ . وَهَكَذَا رُوِيَ عَنْ قَتَادَةَ مُرْسَلًا . وَذَكَرَهُ السُّدِّيُّ ، وَابْنُ زَيْدٍ ، وَابْنُ جَرِيرٍ كَذَلِكَ ، وَاخْتَارَ أَنَّ هَذَا تَفْسِيرُ هَذِهِ الْآيَةِ .

وَقَوْلُهُ : ( فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ أَيْ : إِذَا طَلَّقْتَهَا وَاحِدَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ ، فَأَنْتَ مُخَيَّرٌ فِيهَا مَا دَامَتْ عِدَّتُهَا بَاقِيَةً ، بَيْنَ أَنْ تَرُدَّهَا إِلَيْكَ نَاوِيًا الْإِصْلَاحَ بِهَا وَالْإِحْسَانَ إِلَيْهَا ، وَبَيْنَ أَنْ تَتْرُكَهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، فَتَبِينَ مِنْكَ ، وَتُطْلِقَ سَرَاحَهَا مُحْسِنًا إِلَيْهَا ، لَا تَظْلِمُهَا مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا ، وَلَا [ ص: 612 ] تُضَارُّ بِهَا .
قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ، فَلْيَتَّقِ اللَّهَ فِي الثَّالِثَةِ ، فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَهَا بِمَعْرُوفٍ فَيَحْسُنُ صَحَابَتَهَا أَوْ يُسَرِّحَهَا [ بِإِحْسَانٍ ] فَلَا يَظْلِمُهَا مِنْ حَقِّهَا شَيْئًا .
وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : أَخْبَرَنَا يُونُسُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى قِرَاءَةً ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ ، أَخْبَرَنِي سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، حَدَّثَنِي إِسْمَاعِيلُ بْنُ سُمَيْعٍ ، قَالَ : سَمِعْتُ أَبَا رَزِينٍ يَقُولُ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ : فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ أَيْنَ الثَّالِثَةُ ؟ قَالَ : " التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ " .
وَرَوَاهُ عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ فِي تَفْسِيرِهِ ، وَلَفْظُهُ : أَخْبَرَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَكِيمٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَمِيعٍ ، أَنَّ أَبَا رَزِينٍ الْأَسَدِيَّ يَقُولُ : قَالَ رَجُلٌ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَرَأَيْتَ قَوْلَ اللَّهِ : " الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ " ، فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ ؟ قَالَ : " التَّسْرِيحُ بِإِحْسَانٍ الثَّالِثَةُ " . 
************* قلت المدون:لقد حق الجمع بمراعاة عنصر التراخي الزمني بين سورتي البقرة والطلاق وها نحن نقول :
 خصائص الأحكام في

 سورة الطلاق:

1.أصبحت أحكام الطلاق بسورة الطلاق  (لأنها متراخية نزلت إبان العام الخامس هجري 5هـ تقريباً) أي أصبحت سورة الطلاق هي الناسخة تبديلاً لأحكام الطلاق التي نزلت قبل ذلك في سورة البقرة لأن سورة الطلاق 5هـ جاءت متراخية في النزول عن سورة البقرة 1و2هـ حيث نزلت سورة الطلاق في العام الخامس هجريا (5هـ ) وسورة البقرة في العام الثاني هجريا وبذلك تكون سورة الطلاق ناسخة تبديلاً لأحكام الطلاق في سورة البقرة كما سنري الآن :

2. سورة الطلاق 5هـ :أحكام الطلاق فيها ناسخة 

3.نوع النسخ: بالتبديل والبداء
4.فيها أحكام   مُبَدِلة، أي حلَّت محل الأحكام التي بدلها الباري جل وعلا السابق تنتزيلها في سورة البقرة المنزلة بالعامين الأولين للهجرة
5.موضع العدة في سورة الطلاق: (قبل التطليق)
 العدة ثم  التطليق ثم التفريق ثم  الاشهاد
6.العدة نفسها ثلاثة قروء للمرأة التي:تحيض(لكنها صارت قبل التطليق)
7. زاد الله تعالي في أحكام العدد:
 أ )عدة اليائسة من المحيض
ب)عدة الصغير التي لاتحيض
ج )عدة المرأة الحامل
8. في سورة الطلاق 5هـ :لا يتمكن الزوج من التطليق قبل أن يُحصِي العدة…والإحصاء هو بلوغ نهاية المعدود
9. في سورة الطلاق 5هـ :نزل حكم إحصاء العدة فرضاً لمن أراد التطليق 
10.في سورة الطلاق 5هـ:الإحصاء(سورة الطلاق)*حكم مفروض بقوله تعالي(وأحصوا العدة) وهو لازمٌ لإحداث الطلاق ولا يتم الطلاق إلا به wوهو مدة يشارك فيها الزوج زوجته أثناء بقائهما في بيتيهما ^وفيها يحرم علي الزوجة أن تخرج من بيتها ويحرم علي الزوج أن يُخرجها منه وعليهما هما الاثنين الإحصاء حتي بلوغ الأجل الذي يتم فيه تسلم الزوج لفظ الطلاق من بارئه جل وعلا في نهاية الأجل(نهاية عدة الإحصاء)ليحدث به الفراق إن لم يشأ أن يُمسكها، كما أنه(أي الإحصاء)مدة زمنية يعاين الزوج فيها أحوال زوجته معاينة يتم من خلالها:
 .1أن يكون هو الشاهد الوحيد الذي يشهد علي زوجته باستبراء رحمها لأنه أدري بحاله وحالها خلال مدة العدة اللصيق فيها بزوجته
 .2حتي إذا انتهيا منها يكون العد والاحصاء واستبراء الرحم واستيفاء كل متعلقات الزواج قد انتهت بعلم الزوجين علما مستيقنا ولا يبقي عليهما إلا أن يمسكها ان لم يشأ أن يطلقها أو يطلقها فتفارقه ويُشهدا علي الطلاق المستدبر ثم الفراق حتي إذا أشهد علي فراقها بالتلفظ المستدبر تكون قد استبرأت منه تماما لتحل بذلك توا للخطاب وبعلمه هو ،
11. في سورة الطلاق 5هـ التطليق لا يكون إلا في نهاية الإحصاء(سورة الطلاق)،وهو أن يتسلم الزوج بإذن ربه لفظ الطلاق الذي حرزه الباري جل جلاله وراء جدار العدة الخلفي ليجاز للزوج هنا وهنا فقط إلقاء لفظ الطلاق علي امرأته ليتفرقا وقد أعطاه اللهُ آخر فرصة بقوله تعالي (فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ)


12.وفي سورة الطلاق 5 هـ فرض الإحصاء لأن الإحصاء هو تكليف بوصول نهاية المعدود(العدة) ليتمكن الزوج من الحصول علي لفظ الطلاق (سورة الطلاق)
13.وفي سورة الطلاق 5 هـ أصبح الإحصاء لازماً للتطليق لأن التطليق صار في دبر العدة(سورة الطلاق)
14. وفي سورة الطلاق 5 هـ أصبح التطليق في دبر العدة أي في نهاية الإحصاء(سورة الطلاق)
15. وفي سورة الطلاق 5 هـ أصبح بلوغ الأجل المُحصَي في دُبُرِ العدة لازما لوقوع التطليق ثم التفريق(سورة الطلاق)
16. وفي سورة الطلاق 5 هـ وبذلك يتلخص أن التطليق لمن أراد أن يطلق امرأته كما نزل بسورة الطلاق حيث صـــار:
 عدةً أولا ثم  إمساك أو تطليق ثم تفريق في(سورة الطلاق)
17. وفي سورة الطلاق 5 هـ أصبح التفريق دالاً علي تخلية الوثاق تماما ليس بعده تبعات لأنه صار :

عدةً(تُحصي أي تُعَد إلي نهايتها ولا يتم بلوغ الأجل إلا إذا تم الإحصاء أي:
العَـــدُ الي بلوغ آخر المعدود(وهو العدة) أولا  ثم    الإمساك أو التطليق   ثم   التفريق   ثم  الإشهاد

وبهذا علمنا أن التفريق هو تفريق الزوجين مباشرة وبعد أن كانا زوجينïأي هو: تفريق (الزوجين) حيث المرأة في تشريعات سورة الطلاق زوجة في العدة
18. وفي سورة الطلاق 5 هـ أصبحت ترتيبات الطلاق هي:
1.عدة أولا تحصي بواسطة الزوجين
2.ثم إمساك أو تطليق .
3.ثم تفريق .
4.ثم إشهاد.
19. وفي سورة الطلاق 5 هـ  تحل المرأة مباشرة للأزواج بعد الإشهاد علي التفريق في تشريعات سورة الطلاق لسَبقِ العدة علي التطليق:أي:عدة الإحصاء أولاً ثم الإمساك أو(الطلاق)(سورة الطلاق)،وذلك عكس الذي كانت عليه المرأة من حالٍ حين سيادة أحكام الطلاق بسورة البقرة 2هجري وقبل أن يبدلها الباري سبحانه بأحكام الطلاق في سورة الطلاق المنزلة بالعام الخامس أو السادس الهجري5 أو6هجري
20. وفي سورة الطلاق 5 هـ :
ترتيبات حل المطلقة للأزواج بعد نزول سورة الطلاق هي:
*احصاء العدة بينهما ثم الإمساك أو التطليق ببلوغ نهاية العدة
* ثم التفريق
 ثم الإشهاد
21. وعليه فقد أضحت المرأة في تشريع (سورة الطلاق)تحل للأزواج مباشرة بعد الإشهاد علي التفريق وزوجها شاهد عليها لفرض بقائهما في بيتهما وهما علي حال الزوجية حتي بلوغ نهاية الأجل بإنتهاء العدةُ وآخر إجراءات التطليق تماما بحدوث الإشهاد علي التفريق بعد إحصاء العدة وهي كانت ماتزال زوجة أثنائها
الاجراءات هي:
^اعتداد مع إحصاء لبلوغ نهاية العدة  ثم  تطليق  ثم ^تفريق  واشهاد علي التفريق ثم تحل للأزواج

والعِدَدُ الجديدة في سورة الطلاق هي:

1. ثلاثة قروء لمن تحيض(ممتدة الأثر من سورة البقرة والدليل واو العطف في مبتدأ آية العدد(واللائي يئسن من المحيض ...إلي آخر الآيات) ولم يُنسخ منها غير أن موضعي الطلاق والعدة قد تبدلا وحلت العدة في موضع الطلاق والطلاق في موضع العدة:
وما سيستتبع ذلك من تبديلاتكتبديل عدة الاستبراء بعدة الإحصاء وانعدام مسمي الاستبراء بفرض عدة الإحصاء ƒوسقوط كل الحقوق المترتبة علي تواجد عدة الاستبراء بفرض عدة الإحصاء وذلك كله لأن الطلاق والمترتب عليه من التفريق قد تأجلا لدُبُرِ العدة  .
2. وثلاثة أشهر قمرية لمن يئست من المحيض أو للصغيرة التي لا تحيض،أو المرضعات اللائي لا يحضن نتيجة إفراز هرمون اللاكتين والبرولاكتين، أو النساء اللائي لا يحضن نتيجة مرض أصاب المبيضين عند المرأة بحيث يمتنع عندهن ظهور دم الحيض.

3. ومدة الحمل كلها أو ما بقي منها حتي تضع الحامل حملها بِسَقطٍ أو ولادة فحينها تبلغ نهاية عدتها ثم يمسكها زوجها أو يطلقها ويتم التفريق والإشهاد وحينئذ تحل للأزواج قال تعالي:(وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا(4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)/سورة الطلاق) 

22. وفي سورة الطلاق 5 هـ : التفريق هو: من تشريعات سورة الطلاق  إبعاد الزوجين ليصيرا أغرابا

وبمعني آخر : فالتفريق هو فك وثاق الزوجين،وإبعادهما أغرابا
وبمعني آخر : فالتفريق هو : تفريق بعد توثيق 

وبمعني رابع   : فالتفريق هو: تحريم الزوج علي زوجته بعد أن حالت العدة دون تطليقها ثم فرقهما الطلاق بعد العدة ذلك لأن الله قدم العدة علي التطليق 
 
 العــــدة_ثم _ الإمساك أو الطــــلاق _ ثم  التفريق  _ثم  الإشهاد  –  ثم تحل للأزواج .

23.صار التطليق في تشريع سورة الطلاق(5 أو 6هـ) منهجا وشريعة وسيرة بين المؤمنين يجب إشهارة بالإشهاد وإقامة الشهادة لله ويشهد علي فراقهما اثنان ذوا عدل من المسلمين(وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله) لأنها ستُحَرَّمُ علي زوجها للتَوَّ وتحل بذات التو للأزواج والفيصل إقامة الشهادة لله
24.يعني قد صار التطليق يؤدي إلي(التفريق والتفريق بين الزوجين )يلزمه إشهاد بذوي عدلٍ من المسلمين لأن الزوجة التي خرجت من عدتها وفارقها زوجها بالتطليق في دبر العدة ستحل تواً للأزواج بهذا التفريق المشهد عليه

الترتيب التاريخي في نزول سورة الطلاق(5 هـ) بعــد سورة البقرة(2هـ)
ترتيب نزول سورة الطلاق بعد نزول سورة البقرة ب 12 سورة سورة(هي الفارق بين العام 2 هـ والعام5 هـ) :
26.ما الحكم بالنسبة للمرأة الحامل في سورة الطلاق؟
 
نزل تشريع العدد كلها التي لم تتنزل قبلاً في سورة البقرة وتكرر  ذكر عدة اللآئي يحضن ضمناً علي أساس فرضها قبلا في سورة البقرة لكن الذي تعدل فيها موضع العدة(ثلاثة قروء) من الطلاق ، وسائر العدد نزل الشرع بها بكراً في سورة الطلاق وهي: 
زاد الله تعالي في أحكام العدد

 (  و  َاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ  وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)/سورة الطلاق)
أ ) عدة اليائسة من المحيض
ب) عدة الصغير التي لاتحيض
ج) عدة المرأة الحامل
تحقيق القول في بطلان طلاق المرأة الحامل في حملها  وكيف يكون…هو كالآتي:
طلاق الحامل:
 
 انذار بإحصاء العدة(الحمل)___ ثم انتهـــاء الحمل بوضعه أو سقطٍ__ ثم الإمساك أو     التطليق _ ثم التفريق والإشهاد

وهكذا فقد تحتم أن المرأة الحامل في آخر تشريعات الطلاق المنزلة في سورة الطلاق 5 أو6هـ  وهي آخر سورة تناولت كل تفصيلات الطلاق المُبدلة لا يسري طلاقها إلا في دبر حملها وبعد وضع حملها وتلك هي عدتها(الحمل المتبوع بوضع وليدها) ولا تطليق للحامل بغير هذا،
شاء الكون كله أم أبي هكذا قال الله(وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)/سورة الطلاق)،
الم يَعِي الناس قوله تعالي ذلك بل ينُذر الله تعالي عباده بقوله:

1. ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ
2.وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا
وقد كلف الله تعالي كل الذين يشرعون في تطليق نسائهم بأن نسائهم صاروا بعد تنزيل سورة الطلاق هذه أنهن صرن زوجات لم يغيرهن وضع إرادة الزوج في التطليق لأنه سبحانه وضع العدة عقبة عثرة في طريق كل الأزواج ابتداءاً من تنزيل سورة الطلاق :

عدة (طول مدة الحمل أو ما تبقي منها) ثم بعد وضع الحمل: ثم إمساك أو طلاق ثم تفريق ثم إشهاد
ثم قال تعالي:

1.(أَسْكِنُوهُـــــنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُـــمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
والمعنى إسكان الزوجة المعتدة إحصاءاً في ذات الموضع الذي يسكن فيه الزوج-(أي اسكان الزوجة في نفس المكان الذي فيه الزوج) انظر قول الأَزهري عن الليث: للعرب في  حَيْثُ   لغتان فاللغة العالية...الي قوله: والمعنى زيدٌ في موضع فيه عمرو فعمرو مرتفع بفيه وهو صلة للموضع وزيدٌ مرتفعٌ بفي الأُولى وهي خَبره وليست بصلة لشيء)


هنا شرع الله تعالي حكم سكني المرأة في العدة ومكانها من حيث يسكن الزوج الراغب في فراق امرأته عندما يحين أجل الطلاق ولفظ  من حيث سكنتم  هو للدلالة علي ظرفية المكان التي ستسكن فيه المرأة المتأهبة للفراق بعد نهاية العدة ألا وهو ذات المكان الذي يسكن فيه الرجل لأنهما لم يزالا زوجين في العدة والسبب هو تحريز التلفظ بالطلاق جبراً خلف عدة الإحصاء /جاء في لسان العرب لابن منظور [حَيْثُ ظرف مُبْهم من الأَمْكِنةِ مَضموم كقولك قمت حيثُ زيدٌ قائمٌ وأَهلُ الكوفة يُجيزون حذف قائم ويرفعون زيداً بحيثُ وهو صلة لها فإِذا أَظْهَروا قائماً بعد زيدٍ أَجازوا فيه الوجهين الرفعَ والنصبَ فيرفعون الاسم أَيضاً وليس بصلة لها ويَنْصِبُونَ خَبَرَه ويرفعونه فيقولون قامتْ مقامَ صفتين والمعنى زيدٌ في موضع فيه عمرو فعمرو مرتفع بفيه وهو صلة للموضع وزيدٌ مرتفعٌ بفي الأُولى وهي خَبره وليست بصلة لشيء ] قال الأَزهري عن الليث: للعرب في  حَيْثُ   لغتان فاللغة العالية...الي قوله: والمعنى زيدٌ في موضع فيه عمرو فعمرو مرتفع بفيه وهو صلة للموضع وزيدٌ مرتفعٌ بفي الأُولى وهي خَبره وليست بصلة لشيء)

2.وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
جاء في لسان العرب: روي عن النبي صلى الله عليه وسلم أَنه قال لا ضَرَرَ ولا ضِرارَ في الإسلام قال ولكل واحد من اللفظين معنى غير الآخر فمعنى   قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه وهو ضد النفع وقوله  ولا ضِرار  أَي لا يُضَارّ كل واحد منهما صاحبه فالضِّرَارُ منهما معاً  والضَّرَر فعل واحد ومعنى قوله  ولا ضِرَار  أَي لا يُدْخِلُ الضرر على الذي ضَرَّهُ ولكن يعفو عنه كقوله عز وجل (ادْفَعْ بالتي هي أَحسن فإِذا الذي بينك وبينه عداوة كأَنه ولِيٌّ حَمِيمٌ) قال ابن الأَثير قوله لا ضَرَرَ أَي لا يَضُرّ الرجل أَخاه فَيَنْقُصه شيئاً من حقه والضِّرارُ فِعَالٌ من الضرّ أَي لا يجازيه على إِضراره بإِدخال الضَّرَر عليه والضَّرَر فعل الواحد والضِّرَارُ فعل الاثنين والضَّرَر ابتداء الفعل والضِّرَار الجزاء عليه

وقيل الضَّرَر ما تَضُرّ بِه صاحبك وتنتفع أَنت به والضِّرار أَن تَضُره من غير أَن تنتفع

وقيل هما بمعنى وتكرارهما للتأْكيد وهنا في سورة الطلاق المعني هو النهي عن الضرار بالزوجة في العدة ونوعه أن يمسكها
3
3.وَإِنْ   كُنَّ    أُولَاتِ حَمْلٍ    فَأَنْفِقُــــوا عَلَيْهِــــــنَّ    حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُـــنَّ
في هذه الآية تشريع بكر لم ينزل من قبل في سورة البقرة 1و2هـ وهو فرض الإنفاق علي الزوجة الحامل المتأهبة للطلاق بعد أن تضع حملها وفي عدتها التي هي مدة حملها طالت أم قصرت حتي تضع حملها بسقط أو ولادة وبوضع حملها ينتهي أمران: الأول منهما هو حلول وقت طلاقها في هذا الموضع وفيه فقط إن لم يشأ الزوج أن يمسكها و يتخلي عن عزمه بطلاقها  والثاني: هو بانتهاء حملها ووضعه: يحين وقت طلاقها فإذا طلقها زوجها في هذا الموضع وفيه فقط فقد حُرمت عليه وصارت تحل للخطاب وعليه فلا انفاق عليها إنما كان الإنفاق عليها فرضا علي الزوج لأنها تحمل له وليده في حملها فما لزمة الإنفاق وقد وضعت له ولده ثم فارقته وولده ألي دار أوليائها لتتأهل للخطاب ؟!! إلا في حالة واحدة أن ترضي أن ترضع للمطلق ولده فحين ذلك فرض الله علي الزوج أن ينفق عليها وولدها لا لأنها مطلقته ولكن لكونها مرضعة ابنه وولده برغم كونها أمه ولا يشفع عند الرجل حين ذلك أنها أمه في حجب النفقة عنها وليست مطالبة بارضاع وليدها بل المطالب باستئجار مرضعة له هو والده فإن كانت هي التي سترضع فعلي المطلق إذن أن ينفق عليها لا كمطلقة لكن كمرضعة لولده   فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ  
فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ إن  الإنفاق علي المطلقة بعد انتهاء عدة حملها ومضاء عزم الزوج علي تطليقها في دبر عدتها وبعد وضع حملها قد أنهاه وضع حملها والولادة وفتح الطريق للزوج بحصوله علي لفظ الطلاق الذي كان محرزا خلف العدة(خلف جدار مدة حمل المرأة)  وقد وضعت له ولده ثم فارقته وولده ألي دار أوليائها لتتأهل للخطاب ؟!! إلا في حالة واحدة  أن ترضي هي مختارة أن ترضع للمطلق ولده فحين ذلك فرض الله علي الزوج أن ينفق عليها وولدها لا لأنها مطلقته ولكن لكونها مرضعة لإبنه وولده برغم كونها أمه ولا يشفع عند الرجل حين ذلك أنها أمه في حجب النفقة عنها وليست مطالبة بارضاع وليدها بل هو المطالب باستئجار مرضعة له فإن كانت هي التي سترضع فعلي المطلق إذن أن ينفق عليها لا كمطلقة لكن كمرضعة لولده فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ 
 وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى(6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا(7)/سورة الطلاق)
الباب الثاني
الزوجة بعد تنزيل سورة الطلاق مُمَنَّعَةٌ مُحَصَّنَة من التطليق بالعدة
ولأن الزوجة بعد تنزيل سورة الطلاق مُمَنَّعَةٌ مُحَصَّنَة من التطليق بالعدة لأجل ذلك فقد فُرِضَ علي الأزواج الآتي:
1  . الإنتهاء عن إخراجهن من البيوت.
2 .  الإنتهاء عن أن تخرج المرأة من بيتها(آية1/سورة الطلاق)
3 . التكليف بإسكانهن من حيث سكنتم، ولن يتحمل غير الزوج شأن زوجته في المسكن والمطعم والمشرب والمسكن
(ألم يبقها الله زوجة في عدتها بتنزيل سورة الطلاق وقد بدل سبحانه حالها الذي كان في سورة البقرة2هـ  من   مطلقة وجب عليها عدة الاستبراء الي   زوجة   يجمعهما هي وزوجها بيت واحد يعتدان فيه عدة الإحصاء وقد حرز الله لفظ الطلاق إلي نهاية العدة  ؟. بلي) :
قال تعالي(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)


4 . الانتهاء عن محاولات الأزواج أن يُضَيِّقوا عليهن فكفي ما بِهِنَّ من الضيق الذي وضعها زوجها فيه من تحسسٍ مستمرٍ لألم وشبح الفراق وترقب حدوثة طول مدة العدة وترقب انتهائها:
عدة ثم إمساك أو طلاق
قال الله(وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ)


5 . وقد أوصي الله تعالي خاصة بأولات الأحمال في نفس الآيات فقال:(وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ)/6 الطلاق
6 . فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)/الطلاق،
7 .هذه( مرحلة ما بعد وضع الحامل حملها وانزلاقها لهوة الطلاق وبعده التفريق ثم الإشهاد بعد العدة(وضع حملها) والذي تم نتيجةً لاستمرار عزم زوجها علي ذلك وقد نفذ سهم الفراق بينهما وصارت الزوجة (مطلقةً ووليدها من زوجها المطلق لها)لذلك كلف بالآتي في :
أ )  أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
ب ) وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
ج )  وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ الي هنا تنتهي مرحلة الزوجية بالطلاق والتفريق والإشهاد عندما حل ميقات الطلاق في دبر عدة الحامل وهي وضع حملها ثم بعد التفريق هناك تبعات ينبه الباري جل وعلي عليها وهي:
د )  فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ
هـ)وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
و  )وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
ل ) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)/سورة الطلاق)
الي هنا تمت إجراءات عدة الحامل وكل أحكامها بدقة ولم يتبقي غير تحقيق القول الشاذ بالطلاق في الحمل وهو القول الذي تفرد به محمد ابن عبد الرحمن مولي طلحة قال النسائي في كتابه الأقضية عقب رواية هذا الحديث(تفرد به محمد بن عبد الرحمن لا يتابع فيه عليه)
ويكفي ما قاله الحافظ النسائي ومعناه شذوذ روايته هذه ومخالفته لكل الثقات الضابطين فرواه من حيث لم يرووه وتفرد به مخالفا لهم أجمعين وهو وإن كان ثقة لكن حديثه لا يناطح حديث العدول الضابطين عنه في الحفظ كمال عن نافع عن ابن عمر وخلافه ويكفي غمزا فيه أن البخاري أعرض عن حديثه ولم يرو له في الجامع الصحيح له وامتدح فيه العلم باللغة ولم يمتدح فيه الضبط والإتقان في الحفظ.
22.التفريق  هو:
إبعاد الزوجين ليصيروا أغرابا
وبمعني آخر:
فالتفريق هو: فك وثاق الزوجين ،وإبعادهم أغرابا
فالتفريق هو :
تفريق بعد توثيق
وبمعني ثالث:
فالتفريق هو:
تحريم الزوج علي زوجته بعد أن حالت العدة دون تطليقها ثم فرقهما الطلاق بعد العدة ذلك لأن الله قدم العدة علي التطليق:
23.صار التطليق(في تشريع سورة الطلاق(5هـ) منهجا وشريعة وسيرة بين المؤمنين يجب إشهارة بالإشهاد وإقامة الشهادة لله ويشهد علي فراقهما اثنان ذوا عدل من المسلمين(وأشهدوا ذوي عدل منكم وأقيموا الشهادة لله) لأنها ستُحَرَّمُ علي زوجها للتَوَّ وتحل بذات التو للأزواج والفيصل إقامة الشهادة لله ،
24. يعني قد صارت العدة يليها التطليق في سورة الطلاق(5هـ) التي تؤدي إلي-- التفريق والتفريق بين الزوجين --يلزمه إشهاد بذوي عدل من المسلمين لأن الزوجة التي خرجت من عدتها وفارقها زوجها بالتطليق في دبر العدة ستحل توااً للأزواج بهذا التفريق المشهد عليه
يتبع إن شاء الله ص25
الترتيب التاريخي في نزول سورة الطلاق(5هـ)بعــد سورة البقرة(2هـ)
ترتيب نزول سورة الطلاق بعد نزول سورة البقرة ب12سورة سورة (هي الفارق بين العام 2 هـ والعام5 هـ)
26. ما الحكم بالنسبة للمرأة الحامل في: سورة الطلاق؟
 
^نزل تشريع العدد كلها التي لم تتنزل قبلاً في سورة البقرة وتكرر ذكر عدة اللآئي يحضن ضمنا علي أساس فرضها قبلا في سورة البقرة لكن الذي تعدل فيها موضع:
العدة (ثلاثة قروء) من الطلاق ، وسائر العدد نزل الشرع بها بكراً في سورة الطلاق وهي:
زاد الله تعالي في أحكام العدد
أ )عدة اليائسة من المحيض
ب)عدة الصغير التي لاتحيض
ج)عدة المرأة الحامل
تحقيق القول في طلاق المرأة الحامل وكيف يكون…هو كالآتي:
  طـــلاق الحامــل    .
انذار بإحصاء العدة  ثم العدة   ثم   انتهاء الحمل 
بالوضع ثم   الإمساك أو التطليق ثم التفريق والإشهاد

وهكذا فقد تحتم أن المرأة الحامل في آخر تشريعات الطلاق المنزلة في آخر سورة تناولت كل تفصيلات الطلاق المعدلة بالتبديل لا يسري طلاقها إلا في دُبُرِ حملها وبعد وضع حملها، وتلك هي عدتها(الحمل المتبوع بوضع وليدها أو بسقوطها)
ولا تطليق بغير هذا شاء الكون كله أم أبي هكذا قال الله(وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5)/سورة الطلاق)،
ألم يعيَ الناس قوله تعالي ذلك بل ينُذر الله تعالي عباده بقوله:
1.ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ
2.وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا
وقد كلف الله تعالي كل الذين يَشْرَعُوَن في تطليق نسائهم بأن نسائهم صِرنَ بعد تنزيل سورة الطلاق هذه
5 أو6هـ زوجات لم يغيرهن وضع إرادة الزوج أو شروعه  في التطليق،لأنه سبحانه وضع العدة عقبة عثرة في طريق كل الأزواج ابتداءاً من تنزيل سورة الطلاق :
عـــــــدة أولات الأحمــال 
(طول مدة الحمل أو ما تبقي منها) ثم إمساك أو طلاق بعد وضع الحمل  ثم إمساك أو تفريق ثم إشهاد


ويصف الباري جل وعلا حال النساء في العدة وما ينبغي علي الأزواج أن يكون منهم:
فقال تعالي:
1.(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
2.وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
3.وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ
4.فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6)

5.لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)/سورة الطلاق)
{ولأن الزوجة بعد تنزيل سورة الطلاق مُمَنَّعَةٌ مُحَصَّنَةٌ من التطليق بالعدة لأجل ذلك فرض علي الأزواج الآتي :
{الإنتهاء عن إخراجهن من البيوت
الإنتهاء عن أن تخرج المرأة من بيتها آية1/سورة الطلاق)
{التكليف بإسكانهنَّ من حيث سكنتم،ولن يتحمل غير الزوج حمل زوجته في المسكن والمطعم والمشرب والمسكن (ألم يجعلها الله زوجة في عدتها؟ بلي)قال تعالي(أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ)
الانتهاء عن محاولات الأزواج أن يُضَيِّقوا عليهن فكفي ما بها من ضيق ما وضعها زوجها فيه من تحسس مستمر لألم وشبح الفراق وترقب حدوثة طول مدة العدة وترقب انتهائها:
عدة الإحصاء  ثم الإمساك أو الطلاق
قال الله(وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ)
وقد أوصي الله تعالي خاصة علي أولات الأحمال في نفس الآيات فقال: وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ/6الطلاق
فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
(6)/الطلاق،
’هذه مرحلة ما بعد وضع الحامل حملها وانزلاقها لِهُوَةِ الطلاق وبعده التفريق ثم الإشهاد بعد العدة(يعرف نهايتها بوضع حملها)والذي تم نتيجةً لاستمرار عزم زوجها علي ذلك وقد نفذ سهم الفراق بينهما وصارت الزوجة (زوجة ووليدها من زوجها المطلق لها)لذلك كلف بالآتي في:
أ) أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ
ب) وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ
ج)وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ
الي هنا تنتهي مرحلة الزوجية بالطلاق والتفريق عندما حل ميقات الطلاق في دبر عدة الحامل وهي وضع حملها ثم بعد التفريق هناك تبعات ينبه الباري جل وعلا عليها وهي:
د)فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ هـ)وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ
و )وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى
ل )لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)/سورة الطلاق)
الي هنا تمت إجراءات عدة الحامل وكل أحكامها بدقة في سورة الطلاق والتي لم يرد لها ذكرٌ في أي سورة أخري
تحقيق الحديث  الشاذ لمحمد بن عبد الرحمن (…فليطلقها طاهرا أو حاملا)
وقد تم توضيح شذوذ حديث محمد بن عبد الرحمن في ذكره الطلاق في الحمل ومعارضته للآيات في سورة الطلاق ثم لكل الروايات الواردة في حديث ابن عمر التي لم تذكر الطلاق في الحمل وشذ هو فخالف هذا الجمع من الرواة الذين لم يذكروه وذكره هو مخالفا ويكفي تعليق الحافظ النسائي علي هذه الرواية في كتاب الأقضية بقوله(لا يتابع علي هذا الحديث) تتبع.الرابط http://altalak.blogspot.com.eg/2016/06/blog-post_15.html 
عدد الطلقات

أما عدد الطلقات فقد شرعه الله تعالي في سورة البقرة واستمر إقراره بسورة الطلاق لأنه لم ينزل بحكمه شيء في سورة الطلاق 
والقاعدة:
1.أن الذي نزل بعـــــــــدُ هو ناســـخ لما نزل بذات الشأن قَبــــــــل ،وما لم ينزل به تشريع في سورة البقرة شرعهُ الله في سورة الطلاق
2.
وما نزل بشأنه تشريعٌ في السورتين فالهيمنة للذي نزل بعــــــــــــد يعني متراخيا (أي لسورة الطلاق) وعليه فحكم تقييد الطلقات بعدد ثلاثة مستمر ولم يُبَدَّل في سورة الطلاق إنما الذي بُدِّل هو موضع الطلاق من العدة:
من

طـــــلاق    ثم   عـــــــــــدة  استبراء
(في تشريع سورة البقرة1 و2 هـ)
تبدل  الي:

عدة إحصاءٍ    ثم    إمساك أو طلاق
(في تشريع سورة الطلاق  5 أو6 هـ)



من
طـــــلاق    ثم   عـــــــــــدة  استبراء
تبدل  الي:
عدة إحصاءٍ    ثم    إمساك أو طلاق
فالطلاق موضعه من العدة كالآتي في سائر  أحوال المرأة  بعد تنزيل سورة الطلاق في العام5هـ تقريبا:
{طلاق اللائي يحضن من النساء هو :
عدة قدرها ثلاثة قروء أولا ثم طلاق ثم التفريق ثم الإشهاد
طلاق اليائسة(الآيسة) من المحيض والصغيرة التي لم تحض والمرضع التي غابت عنها الحيض نتيجة وفرة هرمون اللاكتين والبرو لاكتين:هو:  
عدة قدرها ثلاثة أشهر قمرية ثم الإمساك أو التطليق ثم 
التفريق ثم الإشهاد
*طلاق المرأة الحامل: عدة إحصاء قدرها طول مدة الحمل 
أو ما  تبقي منها ثم وضع الحمل ثم الإمساك أو التطليق  
ثم  التفريق ثم الإشهاد
طلاق الأمة :عدة قدرها حيضة واحدة (للائي يحضن منهن)ثم التطليق ثم التفريق ثم الإشهاد
طلاق الأمة الحامل من سيدها مثل طلاق المرأة الحرة الحامل يعني:عدة قدرها طول مدة الحمل ثم تضع حملها ثم التطليق ثم التفريق ثم الاشهاد
أما أحكام عَدَد الطلقات التي قيدها الله تعالي في سورة البقرة واستمر هذا التقييد لم يتبدل منه شيئ إلي آخر تنزيل القرآن والي يوم القيامة 
{قال تعالي (الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229) فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ يُبَيِّنُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ (230)/سورة البقرة)
وقد تعدَّل ترتيب موضع الطلاق من العدة في سورة الطلاق



فصـــــــــــــــــــــار :
عدة احصاء ثم إمساك أو طلاق في سورة الطلاق  
بعد أن كان 
طلاقا  ثم   عدة استبراء          في سورة البقرة 
لكن بقي حكم تقييد العدد بثلاث مرات مرتين يحق للزوج إرجاع زوجته فيهما بحرية لكن بتشريع تقديم العدة علي الطلاق كما نزل بسورة الطلاق5هـ..والثالثة إن حدثت فلا تحل له حتي تنكح زوجا غيره[والنكاح هنا يتم بعقد وصداق وشهود وولي + وجوب الوطء وتذوق العسيلة ثم إن طلقها الزوج الثاني بِعِدَّةٍ أولاً ثم طلاق ثم تفريق ثم إشهاد فيجوز أن تُرد إلي زوجها الأول بعقد وصداق وولي وشهود؛ علي وضع وعدد جديد من الطلقات شأنه في ذلك شأن سائر الأزواج(راجع الآيات السابق ذكرها هنا في سورة البقرة)
   أما حكم الخُلع  فقد تنزل تشريعه في سورة البقرة واستمر التشريع قائماً لم يُبدَّلَ فيه شيئ من أصله إلا ما سري عليه من عموم التبديل العام لوضع الطلاق من العدة، يعني من أرادت أن تفتدي من زوجها بفدية أقسط شيئ فيها هو أن ترد عليه مهره أو صداقه(وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آَتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (229)/البقرة)فعليها أن تعرض رغبتها في الإفتداء فتُفدي أي تُخلع، ولا يمانع الزوج من افتدائها وأقسط شيء يطلبه الزوج هو مهرها الذي أمهرها إياها كصداق وعليها أن ترده إن أرادت أن تختلع (أو تَفدِي نفسها من قيد زواج زوجها)
2.يسمي التفريق بينهما تفريقا وليس تطليقا ويجب أن يُشَهد عليه كي تحل بهذه الشهادة.للخطاب
.عدة المختلعة التي تحيض هي حَيضَةٌ واحدة تستبرأ فيها لرحمها ثم تحل بعد هذه العدة للخُطَّاب
4.لا يحسب هذا التفريق من حق الزوج في ثلاث طلقات لأن الزوج مُجبر علي فراقها والحق الذي أعطاه الله للزوج من عدد الطلقات هو حق يُنفِقه هو بإرادته واختياره وقد ورد في أصح لفظ لحديث التفريق بين ثابت بن قيس وزوجته بأنه تفريق وليس تطليق وروايات التطليق في صحيح البخاري وسائر المصنفات أقل ضبطا وحفظاً من روايات التفريق (انظر تحقيق روايات حادثة اختلاع فاطمة بنت قيس وثابت
رابط صفحة التحقيق بالمدونة هو:
http://altalak.blogspot.com.eg/2016/06/blog-post_5.htm   l
الآيات.بسورة الطلاق(5هـ)
قال الله تعالي بعد سنوات من نزول سورة البقرة في تنزيل جديد أنزله بالحق وبالحق نزل في سورة الطلاق
من آية رقم1 الي آيةرقم7
 (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَطَلِّقُوهُنَّ لِعِدَّتِهِنَّ وَأَحْصُوا الْعِدَّةَ وَاتَّقُوا اللَّهَ رَبَّكُمْ لَا تُخْرِجُوهُنَّ مِنْ بُيُوتِهِنَّ وَلَا يَخْرُجْنَ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ لَا تَدْرِي لَعَلَّ اللَّهَ يُحْدِثُ بَعْدَ ذَلِكَ أَمْرًا (1) فَإِذَا بَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ فَارِقُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَأَشْهِدُوا ذَوَيْ عَدْلٍ مِنْكُمْ وَأَقِيمُوا الشَّهَادَةَ لِلَّهِ ذَلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآَخِرِ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا (2) وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا (3) وَاللَّائِي يَئِسْنَ مِنَ الْمَحِيضِ مِنْ نِسَائِكُمْ إِنِ ارْتَبْتُمْ فَعِدَّتُهُنَّ ثَلَاثَةُ أَشْهُرٍ وَاللَّائِي لَمْ يَحِضْنَ وَأُولَاتُ الْأَحْمَالِ أَجَلُهُنَّ أَنْ يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مِنْ أَمْرِهِ يُسْرًا (4) ذَلِكَ أَمْرُ اللَّهِ أَنْزَلَهُ إِلَيْكُمْ وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يُكَفِّرْ عَنْهُ سَيِّئَاتِهِ وَيُعْظِمْ لَهُ أَجْرًا (5) /سورة الطلاق)
ثم من آية رقم 6الي رقم 7
 (أَسْكِنُوهُنَّ مِنْ حَيْثُ سَكَنْتُمْ مِنْ وُجْدِكُمْ وَلَا تُضَارُّوهُنَّ لِتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ وَإِنْ كُنَّ أُولَاتِ حَمْلٍ فَأَنْفِقُوا عَلَيْهِنَّ حَتَّى يَضَعْنَ حَمْلَهُنَّ فَإِنْ أَرْضَعْنَ لَكُمْ فَآَتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَأْتَمِرُوا بَيْنَكُمْ بِمَعْرُوفٍ وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى (6) لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آَتَاهُ اللَّهُ لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْسًا إِلَّا مَا آَتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرًا (7)/سورة الطلاق

حوادث الطلاق ابان العمل بتشريع سورة الطلاق(5هـ)
{حديث عبد الله بن عمر من أوثق طرقه وأحفظ رواياته وهو من رواية السلسلة الذهبية كما نص علي ذلك البخاري وابن حجر العسقلاني في كتاب سلسلة الذهب(رابط التنزيل للكتاب هو تنزيل كتاب السلسلة الذهبية
http://altalak.blogspot.com.eg/2016/06/blog-post_6.hئءاتفق علي نصه الشيخان(البخاري ومسلم وغيرهما من الحفاظ وما جاء فيه مخالفةً لنصه من روايات أخري فقد حدث به عللة من علل المتن راجع الرابط:
حدثنا إسماعيل بن عبد الله قال حدثني مالك عن نافع عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما أنه طلق امرأته وهي حائض على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فسأل عمر بن الخطاب رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم (مره فليراجعها ثم ليمسكها حتى تطهر ثم تحيض ثم تطهر ثم إن شاء أمسك بعد وإن شاء طلق قبل أن يمس فتلك العدة التي أمر الله أن تطلق لها النساء (البخاري رقم4954 )
راجع الرابط: مدونة الطلاف للعدة
والذي ستجد فيه تحقيق كل روايات حديث ابن عمر والخلافات في النقد وعللها في السند وهو تحقيق رائع فاذهب اليه انقر في مستطيل الروابط عبارة: مدونة الطلاق للعدة
يتبع إن شاء الله  حمل كتاب الطلاق الشامل.rar
*************
وَرَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ أَيْضًا . وَهَكَذَا رَوَاهُ سَعِيدُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ زَكَرِيَّا وَأَبِي مُعَاوِيَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ ، بِهِ . وَكَذَا رَوَاهُ قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ ، عَنْ أَبِي رَزِينٍ بِهِ مُرْسَلًا . وَرَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ [أَيْضًا] مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الْوَاحِدِ بْنِ زِيَادٍ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سُمَيْعٍ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَهُ . ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحِيمِ ، حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ يَحْيَى ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ جَرِيرِ بْنِ جَبَلَةَ حَدَّثَنَا ابْنُ عَائِشَةَ حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، ذَكَرَ اللَّهُ الطَّلَاقَ مَرَّتَيْنِ ، فَأَيْنَ الثَّالِثَةُ ؟ قَالَ : " إِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ " . حمل كتاب الطلاق الشامل.rar وَقَوْلُهُ : ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا [ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ] أَيْ : لَا [ ص: 613 ] يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تُضَاجِرُوهُنَّ وَتُضَيِّقُوا عَلَيْهِنَّ ، لِيَفْتَدِينَ مِنْكُمْ بِمَا أَعْطَيْتُمُوهُنَّ مِنَ الْأَصْدِقَةِ أَوْ بِبَعْضِهِ ، كَمَا قَالَ تَعَالَى : ( وَلَا تَعْضُلُوهُنَّ لِتَذْهَبُوا بِبَعْضِ مَا آتَيْتُمُوهُنَّ إِلَّا أَنْ يَأْتِينَ بِفَاحِشَةٍ مُبَيِّنَةٍ ) [ النِّسَاءِ : 19 ] فَأَمَّا إِنْ وَهَبَتْهُ الْمَرْأَةُ شَيْئًا عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا . فَقَدْ قَالَ تَعَالَى : ( فَإِنْ طِبْنَ لَكُمْ عَنْ شَيْءٍ مِنْهُ نَفْسًا فَكُلُوهُ هَنِيئًا مَرِيئًا)[النِّسَاءِ : 4] وَأَمَّا إِذَا تَشَاقَقَ الزَّوْجَانِ ، وَلَمْ تَقُمِ الْمَرْأَةُ بِحُقُوقِ الرَّجُلِ وَأَبْغَضَتْهُ وَلَمْ تَقْدِرْ عَلَى مُعَاشَرَتِهِ ، فَلَهَا أَنْ تَفْتَدِيَ مِنْهُ بِمَا أَعْطَاهَا ، وَلَا حَرَجَ عَلَيْهَا فِي بَذْلِهَا ، وَلَا عَلَيْهِ فِي قَبُولِ ذَلِكَ مِنْهَا ; وَلِهَذَا قَالَ تَعَالَى : ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ الْآيَةَ .

فَأَمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهَا عُذْرٌ وَسَأَلَتِ الِافْتِدَاءَ مِنْهُ ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ 

حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ وَحَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ قَالَا جَمِيعًا : حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَمَّنْ حَدَّثَهُ ، عَنْ ثَوْبَانَ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا طَلَاقَهَا مِنْ غَيْرِ بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ ، عَنْ بُنْدَارٍ ، عَنْ عَبْدِ الْوَهَّابِ بْنِ عَبْدِ الْمَجِيدِ الثَّقَفِيِّ بِهِ . وَقَالَ حَسَنٌ : قَالَ : وَيُرْوَى ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ ، عَنْ أَبِي أَسْمَاءَ ، عَنْ ثَوْبَانَ . وَرَوَاهُ بَعْضُهُمْ ، عَنْ أَيُّوبَ بِهَذَا الْإِسْنَادِ . وَلَمْ يَرْفَعْهُ .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ أَبِي قِلَابَةَ قَالَ : وَذَكَرَ أَبَا أَسْمَاءَ وَذَكَرَ ثَوْبَانَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ فَحَرَامٌ عَلَيْهَا رَائِحَةُ الْجَنَّةِ " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَابْنُ جَرِيرٍ ، مِنْ حَدِيثِ حَمَّادِ بْنِ زَيْدٍ ، بِهِ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ ثَوْبَانَ مَوْلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنَّهُ قَالَ : " أَيُّمَا امْرَأَةٍ سَأَلَتْ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ مَا بَأْسٍ ، حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهَا رَائِحَةَ الْجَنَّةِ " . وَقَالَ : " الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ " .

ثُمَّ رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ وَالتِّرْمِذِيُّ جَمِيعًا ، عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، عَنْ مُزَاحِمِ بْنِ ذَوَّادِ بْنِ عُلْبَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ لَيْثٍ ، هُوَ ابْنُ أَبِي سُلَيْمٍ عَنْ أَبِي الْخَطَّابِ ، عَنْ أَبِي زُرْعَةَ ، عَنْ أَبِي إِدْرِيسَ ، عَنْ ثَوْبَانَ قَالَ : [ص:614]

قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُخْتَلِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ " . ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ، وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَوِيِّ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ حَدَّثَنَا حَفْصُ بْنُ بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا قَيْسُ بْنُ الرَّبِيعِ ، عَنْ أَشْعَثَ بْنِ سَوَّارٍ ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ ثَابِتِ بْنِ يَزِيدَ ، عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " إِنَّ الْمُخْتَلِعَاتِ الْمُنْتَزِعَاتِ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ " غَرِيبٌ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ ضَعِيفٌ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ ابْنُ مَاجَهْ : حَدَّثَنَا بَكْرُ بْنُ خَلَفٍ أَبُو بِشْرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ ، عَنْ جَعْفَرِ بْنِ يَحْيَى بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ عَمِّهِ عُمَارَةَ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَا تَسْأَلُ امْرَأَةٌ زَوْجَهَا الطَّلَاقَ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ فَتَجِدَ رِيحَ الْجَنَّةِ ، وَإِنَّ رِيحَهَا لُيُوجَدُ مِنْ مَسِيرَةِ أَرْبَعِينَ عَامًا " .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا وُهَيْبٌ ، حَدَّثَنَا أَيُّوبُ ، عَنِ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " الْمُخْتَلِعَاتُ وَالْمُنْتَزِعَاتُ هُنَّ الْمُنَافِقَاتُ " .

ثُمَّ قَدْ قَالَ طَائِفَةٌ كَثِيرَةٌ مِنَ السَّلَفِ وَأَئِمَّةِ الْخَلَفِ : إِنَّهُ لَا يَجُوزُ الْخُلْعُ إِلَّا أَنْ يَكُونَ الشِّقَاقُ وَالنُّشُوزُ مِنْ جَانِبِ الْمَرْأَةِ ، فَيَجُوزُ لِلرَّجُلِ حِينَئِذٍ قَبُولُ الْفِدْيَةِ ، وَاحْتَجُّوا بِقَوْلِهِ : ( وَلَا يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا [ إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ ] . قَالُوا : فَلَمْ يَشْرَعِ الْخُلْعَ إِلَّا فِي هَذِهِ الْحَالَةِ ، فَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهَا إِلَّا بِدَلِيلٍ ، وَالْأَصْلُ عَدَمُهُ ، وَمِمَّنْ ذَهَبَ إِلَى هَذَا ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَطَاوُسٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَعَطَاءٌ ، [ وَالْحَسَنُ ] وَالْجُمْهُورُ ، حَتَّى قَالَ مَالِكٌ وَالْأَوْزَاعِيُّ : لَوْ أَخَذَ مِنْهَا شَيْئًا وَهُوَ مَضَارٌّ لَهَا وَجَبَ رَدُّهُ إِلَيْهَا ، وَكَانَ الطَّلَاقُ رَجْعِيًّا . قَالَ مَالِكٌ : وَهُوَ الْأَمْرُ الَّذِي أَدْرَكْتُ النَّاسَ عَلَيْهِ . وَذَهَبَ الشَّافِعِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، إِلَى أَنَّهُ يَجُوزُ الْخُلْعُ فِي حَالَةِ الشِّقَاقِ ، وَعِنْدَ الِاتِّفَاقِ بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى ، وَهَذَا قَوْلُ جَمِيعِ أَصْحَابِهِ قَاطِبَةً . وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كِتَابِ " الِاسْتِذْكَارُ " لَهُ ، عَنْ بَكْرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ الْمُزَنِيِّ ، أَنَّهُ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ الْخُلْعَ مَنْسُوخٌ بِقَوْلِهِ : ( وَآتَيْتُمْ إِحْدَاهُنَّ قِنْطَارًا فَلَا تَأْخُذُوا مِنْهُ شَيْئًا ) [ النِّسَاءِ : 20 ] . وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ عَنْهُ وَهَذَا قَوْلٌ ضَعِيفٌ وَمَأْخَذٌ مَرْدُودٌ عَلَى قَائِلِهِ . وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي شَأْنِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ وَامْرَأَتِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ . وَلْنَذْكُرْ طُرُقَ حَدِيثِهَا ، وَاخْتِلَافَ أَلْفَاظِهِ :[ ص: 615 ]

قَالَ الْإِمَامُ مَالِكٌ فِي مُوَطَّئِهِ : عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ ، عَنْ عَمْرَةَ بِنْتِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ سَعْدِ بْنِ زَرَارَةَ ، أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ عَنْ حَبِيبَةَ بِنْتِ سَهْلٍ الْأَنْصَارِيَّةِ ، أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، وَأَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَرَجَ إِلَى الصُّبْحِ فَوَجَدَ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ عِنْدَ بَابِهِ فِي الْغَلَسِ ، فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ هَذِهِ ؟ " قَالَتْ : أَنَا حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ . فَقَالَ : " مَا شَأْنُكِ ؟ " فَقَالَتْ : لَا أَنَا وَلَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ لِزَوْجِهَا فَلَمَّا جَاءَ زَوْجُهَا ثَابِتُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " هَذِهِ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ قَدْ ذَكَرَتْ مَا شَاءَ اللَّهُ أَنْ تَذْكُرَ " . فَقَالَتْ حَبِيبَةُ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، كُلُّ مَا أَعْطَانِي عِنْدِي . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذْ مِنْهَا " . فَأَخَذَ مِنْهَا وَجَلَسَتْ فِي أَهْلِهَا .

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ مَهْدِيٍّ ، عَنْ مَالِكٍ بِإِسْنَادِهِ مِثْلَهُ . وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، عَنِ الْقَعْنَبِيِّ ، عَنْ مَالِكٍ . وَالنَّسَائِيِّ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ مَسْلَمَةَ ، عَنِ ابْنِ الْقَاسِمِ ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ
حَدِيثٌ آخَرُ : عَنْ عَائِشَةَ : قَالَ أَبُو دَاوُدَ وَابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ عَنْ عَمْرَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، أَنَّ حَبِيبَةَ بِنْتَ سَهْلٍ كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، فَضَرَبَهَا فَكَسَرَ نُغْضَهَا فَأَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ الصُّبْحِ فَاشْتَكَتْهُ إِلَيْهِ ، فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَابِتًا فَقَالَ : " خُذْ بَعْضَ مَالِهَا وَفَارِقْهَا " . قَالَ : وَيَصْلُحُ ذَلِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ؟ قَالَ : " نَعَمْ " . قَالَ : فَإِنِّي أَصْدَقْتُهَا حَدِيقَتَيْنِ ، فَهُمَا بِيَدِهَا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " خُذْهُمَا وَفَارِقْهَا " . فَفَعَلَ .

وَهَذَا لَفْظُ ابْنِ جَرِيرٍ . وَأَبُو عَمْرٍو السَّدُوسِيُّ هُوَ سَعِيدُ بْنُ سَلَمَةَ بْنِ أَبِي الْحُسَامِ .

حَدِيثٌ آخَرُ فِيهِ : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ :

قَالَ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ جَمِيلٍ ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ الثَّقَفِيُّ ، حَدَّثَنَا خَالِدٌ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، مَا أَعْتِبُ عَلَيْهِ فِي خُلُقٍ وَلَا دِينٍ ، وَلَكِنْ أَكْرَهُ الْكُفْرَ فِي الْإِسْلَامِ . فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ . قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " اقْبَلِ الْحَدِيقَةَ وَطَلِّقْهَا تَطْلِيقَةً " .

وَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ ، عَنْ أَزْهَرَ بْنَ جَمِيلٍ بِإِسْنَادِهِ ، مِثْلَهُ . وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا ، عَنْ إِسْحَاقَ الْوَاسِطِيِّ ، عَنْ خَالِدٍ هُوَ ابْنُ عَبْدِ اللَّهِ الطَّحَّانُ ، عَنْ خَالِدٍ ، هُوَ ابْنُ مِهْرَانَ الْحَذَّاءُ ، عَنْ عِكْرِمَةَ بِهِ ، [ص:616] نَحْوَهُ .

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، بِهِ . وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهَا قَالَتْ : لَا أُطِيقُهُ ، تَعْنِي : بُغْضًا . وَهَذَا الْحَدِيثُ مِنْ أَفْرَادِ الْبُخَارِيِّ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ .

ثُمَّ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ حَرْبٍ ، حَدَّثَنَا حَمَّادُ بْنُ زَيْدٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، أَنْ جَمِيلَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا . كَذَا قَالَ ، وَالْمَشْهُورُ أَنَّ اسْمَهَا حَبِيبَةُ [ كَمَا تَقَدَّمَ ] .

قَالَ الْحَافِظُ أَبُو بَكْرِ بْنُ مَرْدَوَيْهِ فِي تَفْسِيرِهِ : حَدَّثَنَا مُوسَى بْنُ هَارُونَ ، حَدَّثَنَا أَزْهَرُ بْنُ مَرْوَانَ الرَّقَاشِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا سَعِيدٌ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، أَنَّ جَمِيلَةَ بِنْتَ سَلُولَ أَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : وَاللَّهِ مَا أَعْتِبُ عَلَى ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ فِي دِينٍ وَلَا خُلُقٍ ، وَلَكِنَّنِي أَكْرَهُ الْكُفْرَ بَعْدَ الْإِسْلَامِ ، لَا أُطِيقُهُ بُغْضًا . فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " تَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ ، فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا حَدِيقَتَهُ وَلَا يَزْدَادَ .

وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ أَزْهَرَ بْنِ مَرْوَانَ ، بِإِسْنَادِهِ مِثْلِهِ سَوَاءٍ ، وَهُوَ إِسْنَادٌ جَيِّدٌ مُسْتَقِيمٌ . وَرَوَاهُ أَيْضًا أَبُو الْقَاسِمِ الْبَغَوِيُّ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ الْقَوَارِيرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ الْأَعْلَى ، مِثْلَهُ ، لَكِنْ قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ 

حَدَّثَنَا ابْنُ حُمَيْدٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ وَاضِحٍ ، حَدَّثَنَا الْحُسَيْنُ بْنُ وَاقِدٍ عَنْ ثَابِتٍ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ رَبَاحٍ عَنْ جَمِيلَةَ بِنْتِ أُبَيِّ ابْنِ سَلُولَ:أَنَّهَا كَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ ، فَنَشَزَتْ عَلَيْهِ ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهَا النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ : " يَا جَمِيلَةُ ، مَا كَرِهْتِ مِنْ ثَابِتٍ ؟ " قَالَتْ : وَاللَّهِ مَا كَرِهْتُ مِنْهُ دِينًا وَلَا خُلُقًا ، إِلَّا أَنِّي كَرِهْتُ دَمَامَتَهُ ! فَقَالَ لَهَا : " أَتَرُدِّينَ الْحَدِيقَةَ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ . فَرَدَّتِ الْحَدِيقَةَ ، وَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا .

قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْأَعْلَى ، حَدَّثَنَا الْمُعْتَمِرُ بْنُ سُلَيْمَانَ قَالَ : قَرَأْتُ عَلَى فُضَيْلٍ ، عَنْ أَبِي جَرِيرٍ أَنَّهُ سَأَلَ عِكْرِمَةَ : هَلْ كَانَ لِلْخُلْعِ أَصْلٌ ؟ قَالَ : كَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يَقُولُ : إِنَّ أَوَّلَ خُلْعٍ كَانَ فِي الْإِسْلَامِ فِي أُخْتِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أُبَيٍّ ، أَنَّهَا أَتَتْ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، لَا يَجْمَعُ رَأْسِي وَرَأْسَهُ شَيْءٌ أَبَدًا ، إِنِّي رَفَعْتُ جَانِبَ الْخِبَاءِ ، فَرَأَيْتُهُ أَقْبَلَ فِي عِدَّةٍ ، فَإِذَا هُوَ أَشُدُّهُمْ سَوَادًا ، وَأَقْصَرُهُمْ قَامَةً وَأَقْبَحُهُمْ وَجْهًا . قَالَ زَوْجُهَا : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، إِنِّي قَدْ أَعْطَيْتُهَا أَفْضَلَ مَالِي ، حَدِيقَةً لِي ، فَإِنْ رَدَّتْ عَلَيَّ حَدِيقَتِي ؟ قَالَ : " مَا تَقُولِينَ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ ، وَإِنْ شَاءَ زِدْتُهُ . قَالَ : فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا [ ص: 617 ]

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ ابْنُ مَاجَهْ : حَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو خَالِدٍ الْأَحْمَرُ ، عَنْ حَجَّاجٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جَدِّهِ قَالَ : كَانَتْ حَبِيبَةُ بِنْتُ سَهْلٍ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسِ بْنِ شَمَّاسٍ ، وَكَانَ رَجُلًا دَمِيمًا ، فَقَالَتْ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، وَاللَّهِ لَوْلَا مَخَافَةُ اللَّهِ إِذَا دَخَلَ عَلَيَّ بَصَقْتُ فِي وَجْهِهِ ! فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَتَرُدِّينَ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ ؟ " قَالَتْ : نَعَمْ . فَرَدَّتْ عَلَيْهِ حَدِيقَتَهُ . قَالَ فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ .

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، فِي أَنَّهُ : هَلْ يَجُوزُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُفَادِيَهَا بِأَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا ؟ فَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى جَوَازِ ذَلِكَ ، لِعُمُومِ قَوْلِهِ تَعَالَى : ( فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ وَقَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ عُلَيَّةَ ، أَخْبَرَنَا أَيُّوبُ ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى سَمُرَةَ : أَنَّ عُمَرَ أُتِيَ بِامْرَأَةٍ نَاشِزٍ ، فَأَمَرَ بِهَا إِلَى بَيْتٍ كَثِيرِ الزِّبْلِ ، ثُمَّ دَعَا بِهَا فَقَالَ : كَيْفَ وَجَدْتِ ؟ فَقَالَتْ : مَا وَجَدْتُ رَاحَةً مُنْذُ كُنْتُ عِنْدَهُ إِلَّا هَذِهِ اللَّيْلَةَ الَّتِي حَبَسْتَنِي . فَقَالَ لِزَوْجِهَا : اخْلَعْهَا وَلَوْ مِنْ قُرْطِهَا وَرَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ أَيُّوبَ ، عَنْ كَثِيرٍ مَوْلَى سَمُرَةَ ، فَذَكَرَ مِثْلَهُ ، وَزَادَ : فَحَبَسَهَا فِيهِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ .

قَالَ سَعِيدُ بْنُ أَبِي عَرُوبَةَ ، عَنْ قَتَادَةَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ : أَنَّ امْرَأَةً أَتَتْ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ ، فَشَكَتْ زَوْجَهَا ، فَأَبَاتَهَا فِي بَيْتِ الزِّبْلِ . فَلَمَّا أَصْبَحَتْ قَالَ لَهَا : كَيْفَ وَجَدْتِ مَكَانَكِ ؟ قَالَتْ : مَا كُنْتُ عِنْدَهُ لَيْلَةً أَقَرُّ لِعَيْنِي مِنْ هَذِهِ اللَّيْلَةِ . فَقَالَ : خُذْ وَلَوْ عِقَاصَهَا .

وَقَالَ الْبُخَارِيُّ : وَأَجَازَ عُثْمَانُ الْخُلْعَ دُونَ عِقَاصِ رَأْسِهَا .

وَقَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ : أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ : أَنَّ الرُّبَيِّعَ بِنْتَ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ حَدَّثَتْهُ قَالَتْ : كَانَ لِي زَوْجٌ يُقِلُّ عَلَيَّ الْخَيْرَ إِذَا حَضَرَنِي ، وَيَحْرِمُنِي إِذَا غَابَ عَنِّي . قَالَتْ : فَكَانَتْ مِنِّي زَلَّةٌ يَوْمًا ، فَقُلْتُ لَهُ : أَخْتَلِعُ مِنْكَ بِكُلِّ شَيْءٍ أَمْلِكُهُ ؟ قَالَ : نَعَمْ . قَالَتْ : فَفَعَلَتْ . قَالَتْ فَخَاصَمَ عَمِّي مُعَاذُ بْنُ عَفْرَاءَ إِلَى عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، فَأَجَازَ الْخُلْعَ ، وَأَمَرَهُ أَنْ يَأْخُذَ عِقَاصَ رَأْسِي فَمَا دُونَهُ ، أَوْ قَالَتْ : مَا دُونُ عِقَاصَ الرَّأْسِ .

وَمَعْنَى هَذَا : أَنَّهُ يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا كُلَّ مَا بِيَدِهَا مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ ، وَلَا يَتْرُكُ لَهَا سِوَى عِقَاصَ شَعْرِهَا . وَبِهِ يَقُولُابْنُ عُمَرَ ، وَابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَقَبِيصَةُ بْنُ ذُؤَيْبٍ ، وَالْحَسَنُ بْنُ صَالِحٍ ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ . وَهَذَا مَذْهَبُ مَالِكٍ ، وَاللَّيْثِ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَبِي ثَوْرٍ ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ جَرِيرٍ[ص: 618]

وَقَالَ أَصْحَابُ أَبِي حَنِيفَةَ ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ : إِنْ كَانَ الْإِضْرَارُ مِنْ قِبَلِهَا جَازَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا مَا أَعْطَاهَا ، وَلَا تَجُوزُ الزِّيَادَةُ عَلَيْهِ ، فَإِنِ ازْدَادَ جَازَ فِي الْقَضَاءِ : وَإِنْ كَانَ الْإِضْرَارُ مِنْ جِهَتِهِ لَمْ يُجِزْ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا شَيْئًا ، فَإِنْ أَخَذَ جَازَ فِي الْقَضَاءِ .

وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ : لَا يَجُوزُ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا . وَهَذَا قَوْلُ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَعَطَاءٍ ، وَعَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ ، وَالزُّهْرِيِّ ، وَطَاوُسٍ ، وَالْحَسَنِ ، وَالشَّعْبِيِّ ، وَحَمَّادِ بْنِ أَبِي سُلَيْمَانَ ، وَالرَّبِيعِ بْنِ أَنَسٍ .

وَقَالَ مَعْمَرٌ ، وَالْحَكَمُ : كَانَ عَلِيٌّ يَقُولُ : لَا يَأْخُذُ مِنَ الْمُخْتَلِعَةِ فَوْقَ مَا أَعْطَاهَا . وَقَالَ الْأَوْزَاعِيُّ : الْقُضَاةُ لَا يُجِيزُونَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا سَاقَ إِلَيْهَا .

قُلْتُ : وَيُسْتَدَلُّ لِهَذَا الْقَوْلِ بِمَا تَقَدَّمَ مِنْ رِوَايَةِ قَتَادَةَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ ، فِي قِصَّةِ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ : فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا الْحَدِيقَةَ وَلَا يَزْدَادَ ، وَبِمَا رَوَى عَبْدُ بْنُ حُمَيْدٍ حَيْثُ قَالَ : أَخْبَرَنَا قَبِيصَةُ ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ ، عَنْ عَطَاءٍ : أَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَرِهَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْهَا أَكْثَرَ مِمَّا أَعْطَاهَا يَعْنِي الْمُخْتَلِعَةَ وَحَمَلُوا مَعْنَى الْآيَةِ عَلَى مَعْنَى فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ أَيْ : مِنَ الَّذِي أَعْطَاهَا ; لِتَقَدُّمِ قَوْلِهِ : ( وَلَا [ يَحِلُّ لَكُمْ أَنْ ] تَأْخُذُوا مِمَّا آتَيْتُمُوهُنَّ شَيْئًا إِلَّا أَنْ يَخَافَا أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ أَيْ : مِنْ ذَلِكَ . وَهَكَذَا كَانَ يَقْرَؤُهَا الرَّبِيعُ بْنُ أَنَسٍ : " فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا فِيمَا افْتَدَتْ بِهِ مِنْهُ " رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ; وَلِهَذَا قَالَ بَعْدَهُ : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ
تنزيل كتاب أحكام الطلاق بسورة الطلاق حمل كناب احكام الطلاق الحائرة عند الناس بين سورة البقرة وسورة الطلاق حمل كتاب الطلاق الشامل من مشكاة
حمل كتاب الطلاق الشامل.rar
145
فَصْلٌ

قَالَ الشَّافِعِيُّ : اخْتَلَفَ أَصْحَابُنَا فِي الْخُلْعِ ، فَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ بَعْدُ ، يَتَزَوَّجُهَا إِنْ شَاءَ لِأَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ قَرَأَ إِلَى : ( أَنْ يَتَرَاجَعَا قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَأَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ عَمْرِو [ بْنِ دِينَارٍ ] عَنْ عِكْرِمَةَ قَالَ : كُلُّ شَيْءٍ أَجَازَهُ الْمَالُ فَلَيْسَ بِطَلَاقٍ .

وَرَوَى غَيْرُ الشَّافِعِيِّ ، عَنْ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ إِبْرَاهِيمَ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ سَأَلَهُ فَقَالَ : رَجُلٌ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَطْلِيقَتَيْنِ ثُمَّ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ ، أَيَتَزَوَّجُهَا ؟ قَالَ : نَعَمْ ، لَيْسَ الْخُلْعُ بِطَلَاقٍ ، ذَكَرَ اللَّهُ الطَّلَاقَ فِي أَوَّلِ الْآيَةِ وَآخِرِهَا ، وَالْخُلْعَ فِيمَا بَيْنَ ذَلِكَ ، فَلَيْسَ الْخُلْعُ بِشَيْءٍ ، ثُمَّ قَرَأَ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ فَإِمْسَاكٌ بِمَعْرُوفٍ أَوْ تَسْرِيحٌ بِإِحْسَانٍ وَقَرَأَ : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ [ ص: 619 ] وَهَذَا الَّذِي ذَهَبَ إِلَيْهِ ابْنُ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا مِنْ أَنَّ الْخُلْعَ لَيْسَ بِطَلَاقٍ ، وَإِنَّمَا هُوَ فَسْخٌ هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ عُثْمَانَ بْنِ عَفَّانَ ، وَابْنِ عُمَرَ . وَهُوَ قَوْلُ طَاوُسٍ ، وَعِكْرِمَةَ . وَبِهِ يَقُولُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ ، وَأَبُو ثَوْرٍ ، وَدَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ . وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ فِي الْقَدِيمِ ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْآيَةِ الْكَرِيمَةِ .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي فِي الْخُلْعِ:إِنَّهُ طَلَاقٌ بَائِنٌ إِلَّا أَنْ يَنْوِيَ أَكْثَرَ مِنْ ذَلِكَ . قَالَ مَالِكٌ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ جُمْهَانَ مَوْلَى الْأَسْلَمِيِّينَ عَنْ أُمِّ بَكْرٍ الْأَسْلَمِيَّةِ : أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خَالِدِ بْنِ أُسَيْدٍ ، فَأَتَيَا عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ فِي ذَلِكَ ، فَقَالَ : تَطْلِيقَةٌ ; إِلَّا أَنْ تَكُونَ سَمَّيْتَ شَيْئًا فَهُوَ مَا سَمَّيْتَ . قَالَ الشَّافِعِيُّ : وَلَا أَعْرِفُ جُمْهَانُ . وَكَذَا ضَعَّفَ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ هَذَا الْأَثَرَ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ رُوِيَ نَحْوُهُ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عُمَرَ . وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَالْحَسَنُ ، وَعَطَاءٌ ، وَشُرَيْحٌ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ . وَإِلَيْهِ ذَهَبَ مَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَأَصْحَابُهُ ، وَالثَّوْرِيُّ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَعُثْمَانُ الْبَتِّيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ فِي الْجَدِيدِ . غَيْرَ أَنَّ الْحَنَفِيَّةَ عِنْدَهُمْ أَنَّهُ مَتَى نَوَى الْمُخَالِعُ بِخُلْعِهِ تَطْلِيقَةً أَوِ اثْنَتَيْنِ أَوْ أَطْلَقَ فَهُوَ وَاحِدَةٌ بَائِنَةٌ . وَإِنَّ نَوَى ثَلَاثًا فَثَلَاثٌ . وَلِلشَّافِعِيِّ قَوْلٌ آخَرُ فِي الْخُلْعِ ، وَهُوَ : أَنَّهُ مَتَى لَمْ يَكُنْ بِلَفْظِ الطَّلَاقِ ، وَعُرِّيَ عَنِ النِّيَّةِ فَلَيْسَ هُوَ بِشَيْءٍ بِالْكُلِّيَّةِ .

مَسْأَلَةٌ : وَذَهَبَ مَالِكٌ ، وَأَبُو حَنِيفَةَ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ فِي رِوَايَةٍ عَنْهُمَا ، وَهِيَ الْمَشْهُورَةُ ; إِلَى أَنَّ الْمُخْتَلِعَةَ عِدَّتُهَا عِدَّةُ الْمُطَلَّقَةِ بِثَلَاثَةِ قُرُوءٍ ، إِنْ كَانَتْ مِمَّنْ تَحِيضُ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ عُمَرَ ، وَعَلِيٍّ ، وَابْنِ عُمَرَ . وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَسُلَيْمَانُ بْنُ يَسَارٍ ، وَعُرْوَةُ ، وَسَالِمٌ ، وَأَبُو سَلَمَةَ ، وَعُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ ، وَابْنُ شِهَابٍ ، وَالْحَسَنُ ، وَالشَّعْبِيُّ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَأَبُو عِيَاضٍ ، وَجِلَاسُ بْنُ عَمْرٍو ، وَقَتَادَةُ ، وَسُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ، وَاللَّيْثُ بْنُ سَعْدٍ ، وَأَبُو عُبَيْدٍ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : وَهُوَ قَوْلُ أَكْثَرِ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ وَغَيْرِهِمْ . وَمَأْخَذُهُمْ فِي هَذَا أَنَّ الْخُلْعَ طَلَاقٌ ، فَتَعْتَدُّ كَسَائِرِ الْمُطَلَّقَاتِ .

وَالْقَوْلُ الثَّانِي : أَنَّهَا تَعْتَدُّ بِحَيْضَةٍ وَاحِدَةٍ تَسْتَبْرِئُ بِهَا رَحِمَهَا . قَالَ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ : حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ ، عَنْ نَافِعٍ أَنَّ الرُّبَيِّعَ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا ، فَأَتَى عَمُّهَا عُثْمَانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ ، فَقَالَ : تَعْتَدُّ حَيْضَةً . قَالَ : وَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يَقُولُ : تَعْتَدُّ ثَلَاثَ حِيَضٍ ، حَتَّى قَالَ هَذَا عُثْمَانُ ، فَكَانَ ابْنُ عُمَرَ يُفْتِي بِهِ وَيَقُولُ : عُثْمَانُ خَيْرُنَا وَأَعْلَمُنَا .

وَحَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، عَنْ نَافِعٍ ، عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : عِدَّةُ الْمُخْتَلِعَةِ حَيْضَةٌ .

وَحَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ مُحَمَّدٍ الْمُحَارِبِيُّ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ طَاوُسٍ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : عِدَّتُهَا حَيْضَةٌ . وَبِهِ يَقُولُ عِكْرِمَةُ ، وَأَبَانُ بْنُ عُثْمَانَ ، وَكُلُّ مَنْ تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ مِمَّنْ يَقُولُ : إِنَّ الْخُلْعَ فَسْخٌ يَلْزَمُهُ [ص: 620]الْقَوْلُ بِهَذَا ، وَاحْتَجُّوا لِذَلِكَ بِمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، حَيْثُ قَالَ كُلٌّ وَاحِدٌ مِنْهُمَا : حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحِيمِ الْبَغْدَادِيُّ ، حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ بَحْرٍ ، حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ يُوسُفَ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : أَنَّ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ اخْتَلَعَتْ مِنْ زَوْجِهَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ . ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ . وَقَدْ رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ مُسْلِمٍ ، عَنْ عِكْرِمَةَ مُرْسَلًا .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَدَّثَنَا مَحْمُودُ بْنُ غَيْلَانَ ، حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ مُوسَى ، عَنْ سُفْيَانَ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ وَهُوَ مَوْلَى آلِ طَلْحَةَ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ : أَنَّهَا اخْتَلَعَتْ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَأَمَرَهَا النَّبِيُّ أَوْ أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ . قَالَ التِّرْمِذِيُّ : الصَّحِيحُ أَنَّهَا أُمِرَتْ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ مَاجَهْ : حَدَّثَنَا عَلِيُّ بْنُ سَلَمَةَ النَّيْسَابُورِيُّ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ بْنِ سَعْدٍ ، حَدَّثَنَا أَبِي عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ ، أَخْبَرَنِي عُبَادَةُ بْنُ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذِ بْنِ عَفْرَاءَ قَالَ : قُلْتُ لَهَا : حَدِّثِينِي حَدِيثَكِ . قَالَتِ : اخْتَلَعْتُ مِنْ زَوْجِي ، ثُمَّ جِئْتُ عُثْمَانَ ، فَسَأَلْتُ : مَاذَا عَلَيَّ مِنَ الْعِدَّةِ ؟ قَالَ :لَا عِدَّةَ عَلَيْكِ ، إِلَّا أَنْ يَكُونَ حَدِيثَ عَهْدٍ بِكِ فَتَمْكُثِينَ عِنْدَهُ حَتَّى تَحِيضِي حَيْضَةً . قَالَتْ : وَإِنَّمَا تَبِعَ فِي ذَلِكَ قَضَاءَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي مَرْيَمَ الْمُغَالِيَةِ ، وَكَانَتْ تَحْتَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ ، فَاخْتَلَعَتْ مِنْهُ .

وَقَدْ رَوَى ابْنُ لَهِيعَةَ ، عَنْ أَبِي الْأَسْوَدِ ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ وَمُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ ثَوْبَانَ ، عَنِ الرُّبَيِّعِ بِنْتِ مُعَوِّذٍ قَالَتْ : سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَأْمُرُ امْرَأَةَ ثَابِتِ بْنِ قَيْسٍ حِينَ اخْتَلَعَتْ مِنْهُ أَنْ تَعْتَدَّ بِحَيْضَةٍ .

مَسْأَلَةٌ : وَلَيْسَ لِلْمُخَالِعِ أَنْ يُرَاجِعَ الْمُخْتَلِعَةَ فِي الْعِدَّةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا عِنْدَ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ وَجُمْهُورِ الْعُلَمَاءِ ; لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا بِمَا بَذَلَتْ لَهُ مِنَ الْعَطَاءِ . وَرُوِيَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي أَوْفَى ، وَمَاهَانَ الْحَنَفِيِّ ، وَسَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، وَالزُّهْرِيِّ أَنَّهُمْ قَالُوا : إِنْ رَدَّ إِلَيْهَا الَّذِي أَعْطَاهَا جَازَ لَهُ رَجْعَتَهَا فِي الْعِدَّةِ بِغَيْرِ رِضَاهَا ، وَهُوَ اخْتِيَارُ أَبِي ثَوْرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ . وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ : إِنْ كَانَ الْخُلْعُ بِغَيْرِ لَفْظِ الطَّلَاقِ فَهُوَ فُرْقَةٌ وَلَا سَبِيلَ لَهُ عَلَيْهَا . وَإِنْ كَانَ سَمَّى طَلَاقًا فَهُوَ أَمَلَكُ لَرَجْعَتِهَا مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ . وَبِهِ يَقُولُ دَاوُدُ بْنُ عَلِيٍّ الظَّاهِرِيُّ : وَاتَّفَقَ الْجَمِيعُ عَلَى أَنَّ لِلْمُخْتَلِعِ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا فِي الْعِدَّةِ . وَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ [ ص: 621 ] بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ ، عَنْ فِرْقَةٍ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ ذَلِكَ ، كَمَا لَا يَجُوزُ لِغَيْرِهِ ، وَهُوَ قَوْلٌ شَاذٌّ مَرْدُودٌ .

مَسْأَلَةٌ : وَهَلْ لَهُ أَنْ يُوقِعَ عَلَيْهَا طَلَاقًا آخَرَ فِي الْعِدَّةِ ؟ فِيهِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ لِلْعُلَمَاءِ :

أَحَدُهُمَا : لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ ; لِأَنَّهَا قَدْ مَلَكَتْ نَفْسَهَا وَبَانَتْ مِنْهُ . وَبِهِ يَقُولُ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَابْنُ الزُّبَيْرِ ، وَعِكْرِمَةُ ، وَجَابِرُ بْنُ زَيْدٍ ، وَالْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ ، وَالشَّافِعِيُّ ، وَأَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَإِسْحَاقُ ابْنُ رَاهْوَيْهِ ، وَأَبُو ثَوْرٍ .

وَالثَّانِي : قَالَ مَالِكٌ : إِنْ أَتْبَعَ الْخُلْعَ طَلَاقًا مِنْ غَيْرِ سُكُوتٍ بَيْنَهُمَا وَقَعَ ، وَإِنْ سَكْتَ بَيْنَهُمَا لَمْ يَقَعْ . قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَهَذَا يُشْبِهُ مَا رُوِيَ عَنْ عُثْمَانَ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ .

وَالثَّالِثُ : أَنَّهُ يَقَعُ عَلَيْهَا الطَّلَاقُ بِكُلِّ حَالٍ مَا دَامَتْ فِي الْعِدَّةِ ، وَهُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ ، وَالثَّوْرِيِّ ، وَالْأَوْزَاعِيِّ . وَبِهِ يَقُولُ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيَّبِ ، وَشُرَيْحٌ ، وَطَاوُسٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ ، وَالزُّهْرِيُّ ، وَالْحَكَمُ وَحَمَّادُ بْنُ أَبِي سُلَيْمَانَ . وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، وَأَبِي الدَّرْدَاءِ قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ : وَلَيْسَ ذَلِكَ بِثَابِتٍ عَنْهُمَا .

وَقَوْلُهُ : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أَيْ : هَذِهِ الشَّرَائِعُ الَّتِي شَرَعَهَا لَكُمْ هِيَ حُدُودُهُ ، فَلَا تَتَجَاوَزُوهَا . كَمَا ثَبَتَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ : " إِنِ اللَّهَ حَدَّ حُدُودًا فَلَا تَعْتَدُوهَا ، وَفَرَضَ فَرَائِضَ فَلَا تُضَيِّعُوهَا ، وَحَرَّمَ مَحَارِمَ فَلَا تَنْتَهِكُوهَا ، وَسَكَتَ عَنْ أَشْيَاءَ رَحْمَةً لَكُمْ مِنْ غَيْرِ نِسْيَانٍ ، فَلَا تَسْأَلُوا عَنْهَا " .

وَقَدْ يَسْتَدِلُّ بِهَذِهِ الْآيَةِ مَنْ ذَهَبَ إِلَى أَنَّ جَمْعَ الطَّلْقَاتِ الثَّلَاثِ بِكَلِمَةٍ وَاحِدَةٍ حَرَامٌ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ الْمَالِكِيَّةِ وَمَنْ وَافَقَهُمْ ، وَإِنَّمَا السُّنَّةُ عِنْدَهُمْ أَنْ يُطَلِّقَ وَاحِدَةً وَاحِدَةً ، لِقَوْلِهِ : ( الطَّلَاقُ مَرَّتَانِ ثُمَّ قَالَ : ( تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلَا تَعْتَدُوهَا وَمَنْ يَتَعَدَّ حُدُودَ اللَّهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ وَيُقَوُّونَ ذَلِكَ بِحَدِيثِ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ الَّذِي رَوَاهُ النَّسَائِيُّ فِي سُنَنِهِ حَيْثُ قَالَ : حَدَّثَنَا سُلَيْمَانُ بْنُ دَاوُدَ ، أَخْبَرَنَا ابْنُ وَهْبٍ عَنْ مَخْرَمَةَ بْنِ بُكَيْرٍ عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ مَحْمُودِ بْنِ لَبِيدٍ قَالَ : أُخْبِرَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثَ تَطْلِيقَاتٍ جَمِيعًا فَقَامَ غَضْبَانَ ، ثُمَّ قَالَ :" أَيُلْعَبُ بِكِتَابِ اللَّهِ وَأَنَا بَيْنَ أَظْهُرِكُمْ ؟ ! " حَتَّى قَامَ رَجُلٌ فَقَالَ يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَلَا أَقْتُلُهُ ؟ فِيهِ انْقِطَاعٌ .

وَقَوْلُهُ تَعَالَى : ( فَإِنْ طَلَّقَهَا فَلَا تَحِلُّ لَهُ مِنْ بَعْدُ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ أَيْ : أَنَّهُ إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً ثَالِثَةً بَعْدَ مَا أَرْسَلَ عَلَيْهَا الطَّلَاقَ مَرَّتَيْنِ ، فَإِنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ ، أَيْ : حَتَّى يَطَأَهَا [ ص: 622 ] زَوْجٌ آخَرُ فِي نِكَاحٍ صَحِيحٍ ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَاطِئٌ فِي غَيْرِ نِكَاحٍ ، وَلَوْ فِي مِلْكِ الْيَمِينِ لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ ; لِأَنَّهُ لَيْسَ بِزَوْجٍ ، وَهَكَذَا لَوْ تَزَوَّجَتْ ، وَلَكِنْ لَمْ يَدْخُلْ بِهَا الزَّوْجُ لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ ، وَاشْتُهِرَ بَيْنَ كَثِيرٍ مِنَ الْفُقَهَاءِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، أَنَّهُ يَقُولُ : يَحْصُلُ الْمَقْصُودُ مِنْ تَحْلِيلِهَا لِلْأَوَّلِ بِمُجَرَّدِ الْعَقْدِ عَلَى الثَّانِي . وَفِي صِحَّتِهِ عَنْهُ نَظَرٌ ، عَلَى أَنَّ الشَّيْخَ أَبَا عُمَرَ بْنَ عَبْدِ الْبَرِّ قَدْ حَكَاهُ عَنْهُ فِي الِاسْتِذْكَارِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ قَالَ أَبُو جَعْفَرِ بْنُ جَرِيرٍ ، رَحِمَهُ اللَّهُ : حَدَّثَنَا ابْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنَ مَرْثَدٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ رَزِينٍ ، عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الرَّجُلُ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا الْبَتَّةَ ، فَيَتَزَوَّجُهَا زَوْجٌ آخَرُ فَيُطَلِّقُهَا ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا : أَتَرْجِعُ إِلَى الْأَوَّلِ ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى تَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا " .

هَكَذَا وَقَعَ فِي رِوَايَةِ ابْنِ جَرِيرٍ ، وَقَدْ رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فَقَالَ :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، سَمِعْتُ سَالِمَ بْنَ رَزِينٍ يُحَدِّثُ عَنْ سَالِمِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، يَعْنِي : ابْنَ عُمَرَ ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : فِي الرَّجُلِ تَكُونُ لَهُ الْمَرْأَةُ فَيُطَلِّقُهَا ، ثُمَّ يَتَزَوَّجُهَا رَجُلٌ فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَتَرْجِعُ إِلَى زَوْجِهَا الْأَوَّلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ النَّسَائِيُّ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ عَلِيٍّ الْفَلَّاسِ ، وَابْنِ مَاجَهْ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ بَشَّارٍ بُنْدَارٍ كِلَاهُمَا عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ جَعْفَرٍ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، بِهِ كَذَلِكَ . فَهَذَا مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مَرْفُوعًا ، عَلَى خِلَافِ مَا يُحْكَى عَنْهُ ، فَبِعِيدٌ أَنْ يُخَالِفَ مَا رَوَاهُ بِغَيْرِ مُسْتَنَدٍ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَدْ رَوَى أَحْمَدُ أَيْضًا ، وَالنَّسَائِيُّ ، وَابْنُ جَرِيرٍ هَذَا الْحَدِيثَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ ، عَنْ عَلْقَمَةَ بْنِ مَرْثَدٍ ، عَنْ رَزِينِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْأَحْمَرِيِّ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ قَالَ : سُئِلَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنِ الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا فَيَتَزَوَّجُهَا آخَرُ ، فَيُغْلِقُ الْبَابَ وَيُرْخِي السِّتْرَ ثُمَّ يُطَلِّقُهَا ، قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا : هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ " .

وَهَذَا لَفْظُ أَحْمَدَ ، وَفِي رِوَايَةٍ لِأَحْمَدَ : سُلَيْمَانُ بْنُ رَزِينٍ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَفَّانُ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ يَزِيدَ الْهَنَائِيُّ ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنْ رَجُلٍ كَانَتْ تَحْتَهُ امْرَأَةٌ فَطَلَّقَهَا ثَلَاثًا فَتَزَوَّجَتْ بَعْدَهُ رَجُلًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا : أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا حَتَّى يَكُونَ الْآخَرُ قَدْ ذَاقَ مِنْ عُسَيْلَتِهَا وَذَاقَتْ مِنْ عُسَيْلَتِهِ "[ ص: 623 ]

وَرَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ ، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ الْأَنْمَاطِيِّ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ دِينَارٍ ، فَذَكَرَهُ .

قُلْتُ : وَمُحَمَّدُ بْنُ دِينَارِ بْنِ صَنْدَلٍ أَبُو بَكْرٍ الْأَزْدِيُّ ثُمَّ الطَّاحِيُّ الْبَصْرِيُّ ، وَيُقَالُ لَهُ : ابْنُ أَبِي الْفُرَاتِ : اخْتَلَفُوا فِيهِ ، فَمِنْهُمْ مَنْ ضَعَّفَهُ ، وَمِنْهُمْ مَنْ قَوَّاهُ وَقَبِلَهُ وَحَسُنَ لَهُ . وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ : أَنَّهُ تَغَيَّرَ قَبْلَ مَوْتِهِ ، فَاللَّهُ أَعْلَمُ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : حَدَّثَنَا عُبَيْدُ بْنُ آدَمَ بْنِ أَبِي إِيَاسٍ الْعَسْقَلَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، حَدَّثَنَا شَيْبَانُ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ ، عَنْ أَبِي الْحَارِثِ الْغِفَارِيِّ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْمَرْأَةِ يُطَلِّقُهَا زَوْجُهَا ثَلَاثًا فَتَتَزَوَّجُ زَوْجًا غَيْرَهُ ، فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا ، فَيُرِيدُ الْأَوَّلُ أَنْ يُرَاجِعَهَا ، قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوقَ الْآخَرُ عُسَيْلَتَهَا " .

ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ شَيْبَانَ ، وَهُوَ ابْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، بِهِ . وَأَبُو الْحَارِثِ غَيْرُ مَعْرُوفٍ .

حَدِيثٌ آخَرُ : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ :

حَدَّثَنَا ابْنُ مُثَنَّى ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا الْقَاسِمُ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَجُلًا طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ، فَتَزَوَّجَتْ زَوْجًا فَطَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَسُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : أَتَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؟ فَقَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوقَ مِنْ عُسَيْلَتِهَا كَمَا ذَاقَ الْأَوَّلُ " .

أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ ، وَمُسْلِمٌ ، وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ طُرُقٍ ، عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ الْعُمَرِيِّ ، عَنِ الْقَاسِمِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ أَبِي بَكْرٍ ، عَنْ عَمَّتِهِ عَائِشَةَ ، بِهِ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ :

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ إِسْمَاعِيلَ الْهَبَّارِيُّ ، وَسُفْيَانُ بْنُ وَكِيعٍ ، وَأَبُو هِشَامٍ الرِّفَاعِيُّ قَالُوا : حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ إِبْرَاهِيمَ ، عَنِ الْأَسْوَدِ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ، فَتَزَوَّجَتْ رَجُلًا غَيْرَهُ ، فَدَخَلَ بِهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ أَنْ يُوَاقِعَهَا : أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ ؟ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " لَا تَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ حَتَّى يَذُوقَ الْآخَرُ عُسَيْلَتَهَا وَتَذُوقَ عُسَيْلَتَهُ " .

وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ عَنْ مُسَدَّدٍ ، وَالنَّسَائِيُّ عَنْ أَبِي كُرَيْبٍ ، كِلَاهُمَا عَنْ أَبِي مُعَاوِيَةَ ، وَهُوَ مُحَمَّدُ بْنُ خَازِمٍ الضَّرِيرُ ، بِهِ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ : [ ص: 624 ]

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ الْعَلَاءِ الْهَمْدَانِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبُو أُسَامَةَ ، عَنْ هِشَامٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سُئِلَ عَنِ الْمَرْأَةِ يَتَزَوَّجُهَا الرَّجُلُ فَيُطَلِّقُهَا ، فَتَتَزَوَّجُ رَجُلًا فَيُطَلِّقُهَا قَبْلَ أَنْ يَدْخُلَ بِهَا : أَتَحِلُّ لِزَوْجِهَا الْأَوَّلِ ؟ قَالَ : " لَا حَتَّى يَذُوقَ عُسَيْلَتَهَا " .

قَالَ مُسْلِمٌ : وَحَدَّثَنَا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا ابْنُ فُضَيْلٍ : وَحَدَّثَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ جَمِيعًا ، عَنْ هِشَامٍ بِهَذَا الْإِسْنَادِ .

وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ مُحَمَّدِ بْنِ حَازِمٍ ، عَنْ هِشَامٍ بِهِ . وَتَفَرَّدَ بِهِ مُسْلِمٌ مِنَ الْوَجْهَيْنِ الْآخَرَيْنِ . وَهَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا بِنَحْوِهِ أَوْ مِثْلِهِ . وَهَذَا إِسْنَادٌ جَيِّدٌ . وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ أَيْضًا ، مِنْ طَرِيقِ عَلِيِّ بْنِ زَيْدِ بْنِ جُدْعَانَ ، عَنِ امْرَأَةِ أَبِيهِ أَمِينَةَ أَمِّ مُحَمَّدٍ عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمِثْلِهِ . وَهَذَا السِّيَاقُ مُخْتَصَرٌ مِنَ الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ : حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ عَلِيٍّ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى ، عَنْ هِشَامٍ ، حَدَّثَنِي أَبِي ، عَنْ عَائِشَةَ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . وَحَدَّثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، حَدَّثَنَا عَبْدَةُ ، عَنْ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنْ عَائِشَةَ : أَنَّ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيَّ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ طَلَّقَهَا ، فَتَزَوَّجَتْ آخَرَ فَأَتَتِ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَذَكَرَتْ لَهُ أَنَّهُ لَا يَأْتِيهَا ، وَأَنَّهُ لَيْسَ مَعَهُ إِلَّا مِثْلُ هُدْبَةِ الثَّوْبِ فَقَالَ : " لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ " . تَفَرَّدَ بِهِ مِنْ هَذَيْنَ الْوَجْهَيْنِ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا عَبْدُ الْأَعْلَى ، عَنْ مَعْمَرٍ ، عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ قَالَتْ : دَخَلَتِ امْرَأَةُ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ وَأَنَا وَأَبُو بَكْرٍ عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَتْ : إِنَّ رِفَاعَةَ طَلَّقَنِي الْبَتَّةَ ، وَإِنَّ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ تَزَوَّجَنِي ، وَإِنَّمَا عِنْدُهُ مِثْلُ الْهُدْبَةِ ، وَأَخَذَتْ هُدْبَةً مِنْ جِلْبَابِهَا ، وَخَالِدُ بْنُ سَعِيدِ بْنِ الْعَاصِ بِالْبَابِ لَمْ يُؤْذَنْ لَهُ ، فَقَالَ : يَا أَبَا بَكْرٍ ، أَلَا تَنْهَى هَذِهِ عَمَّا تَجْهَرُ بِهِ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ! فَمَا زَادَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى التَّبَسُّمِ ، وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " كَأَنَّكِ تُرِيدِينَ أَنْ تَرْجِعِي إِلَى رِفَاعَةَ ، لَا حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ " .

وَهَكَذَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُبَارَكِ ، وَمُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ حَدِيثِ يَزِيدَ بْنِ زُرَيْعٍ ، ثَلَاثَتُهُمْ عَنْ مَعْمَرٍ بِهِ . وَفِي حَدِيثِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عِنْدَ مُسْلِمٍ : أَنَّ [ ص: 625 ] رِفَاعَةَ طَلَّقَهَا آخِرَ ثَلَاثِ تَطْلِيقَاتٍ . وَقَدْ رَوَاهُ الْجَمَاعَةُ إِلَّا أَبَا دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ سُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ ، وَالْبُخَارِيَّ مِنْ طَرِيقِ عَقِيلٍ ، وَمُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يُونُسَ بْنِ يَزِيدَ [وَعِنْدَهُ ثَلَاثُ تَطْلِيقَاتٍ ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ أَيُّوبَ بْنِ مُوسَى ، وَرَوَاهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ ] كُلُّهُمْ عَنِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ عُرْوَةَ ، عَنْ عَائِشَةَ ، بِهِ .

وَقَالَ مَالِكٌ عَنِ الْمِسْوَرِ بْنِ رِفَاعَةَ الْقُرَظِيِّ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الزُّبَيْرِ : أَنَّ رِفَاعَةَ بْنَ سِمْوَالٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ تَمِيمَةَ بِنْتَ وَهْبٍ فِي عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثًا ، فَنَكَحَتْ عَبْدَ الرَّحْمَنِ بْنَ الزُّبَيْرِ ، فَاعْتَرَضَ عَنْهَا فَلَمْ يَسْتَطِعْ أَنْ يَمَسَّهَا ، فَفَارَقَهَا ، فَأَرَادَ رِفَاعَةُ أَنْ يَنْكِحَهَا ، وَهُوَ زَوْجُهَا الْأَوَّلُ الَّذِي كَانَ طَلَّقَهَا ، فَذُكِرَ ذَلِكَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَنَهَاهُ عَنْ تَزْوِيجِهَا ، وَقَالَ : " لَا تَحِلُّ لَكَ حَتَّى تَذُوقَ الْعُسَيْلَةَ " كَذَا رَوَاهُ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ عَنْ مَالِكٍ وَفِيهِ انْقِطَاعٌ . وَقَدْ رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ طَهْمَانَ ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ ، عَنْ مَالِكٍ ، عَنْ رِفَاعَةَ ، عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِيهِ ، فَوَصَلَهُ .
146 فَصْلٌ

وَالْمَقْصُودُ مِنَ الزَّوْجِ الثَّانِي أَنْ يَكُونَ رَاغِبًا فِي الْمَرْأَةِ ، قَاصِدًا لِدَوَامِ عَشَرَتِهَا ، كَمَا هُوَ الْمَشْرُوعُ مِنَ التَّزْوِيجِ ، وَاشْتَرَطَ الْإِمَامُ مَالِكٌ مَعَ ذَلِكَ أَنْ يَطَأَهَا الثَّانِي وَطْئًا مُبَاحًا ، فَلَوْ وَطِئَهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ أَوْ صَائِمَةٌ أَوْ مُعْتَكِفَةٌ أَوْ حَائِضٌ أَوْ نُفَسَاءُ أَوْ وَالزَّوْجُ صَائِمٌ أَوْ مُحْرِمٌ أَوْ مُعْتَكِفٌ ، لَمْ تَحِلَّ لِلْأَوَّلِ بِهَذَا الْوَطْءِ . وَكَذَا لَوْ كَانَ الزَّوْجُ الثَّانِي ذِمِّيًّا لَمْ تَحِلَّ لِلْمُسْلِمِ بِنِكَاحِهِ ; لَأَنَّ أَنْكِحَةَ الْكُفَّارِ بَاطِلَةٌ عِنْدَهُ . وَاشْتَرَطَ الْحَسَنُ الْبَصْرِيُّ فِيمَا حَكَاهُ عَنْهُ الشَّيْخُ أَبُو عُمَرَ بْنُ عَبْدِ الْبَرِّ أَنْ يُنْزِلَ الزَّوْجُ الثَّانِي ، وَكَأَنَّهُ تَمَسَّكَ بِمَا فَهِمَهُ مِنْ قَوْلِهِ عَلَيْهِ السَّلَامُ : " حَتَّى تَذُوقِي عُسَيْلَتَهُ وَيَذُوقَ عُسَيْلَتَكِ " ، وَيَلْزَمُ عَلَى هَذَا أَنْ تُنْزِلَ الْمَرْأَةُ أَيْضًا . وَلَيْسَ الْمُرَادُ بِالْعُسَيْلَةِ الْمَنِيَّ لِمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَالنَّسَائِيُّ ، عَنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " أَلَا إِنَّ الْعُسَيْلَةَ الْجِمَاعُ " فَأَمَّا إِذَا كَانَ الثَّانِي إِنَّمَا قَصْدُهُ أَنْ يُحِلَّهَا لِلْأَوَّلِ ، فَهَذَا هُوَ الْمُحَلِّلُ الَّذِي وَرَدَتِ الْأَحَادِيثُ بِذَمِّهِ وَلَعْنِهِ ، وَمَتَى صَرَّحَ بِمَقْصُودِهِ فِي الْعَقْدِ بِطَلَ النِّكَاحُ عِنْدَ جُمْهُورِ الْأَئِمَّةِ .

147
ذِكْرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ

الْحَدِيثُ الْأَوَّلُ : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ:[ ص: 626 ]

حَدَّثَنَا الْفَضْلُ بْنُ دُكَيْنٍ ، حَدَّثَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ ، عَنِ الْهُذَيْلِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ ، وَالْوَاصِلَةَ وَالْمُسْتَوْصِلَةَ ، وَالْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ، وَآكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ .

ثُمَّ رَوَاهُ أَحْمَدُ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَالنَّسَائِيُّ مِنْ غَيْرِ وَجْهٍ ، عَنْ سُفْيَانَ ، وَهُوَ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي قَيْسٍ وَاسْمُهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ ثَرْوَانَ الْأَوْدِيُّ ، عَنْ هُزَيْلِ بْنِ شُرَحْبِيلَ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِهِ . ثُمَّ قَالَ التِّرْمِذِيُّ : هَذَا حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ . قَالَ : وَالْعَمَلُ عَلَى هَذَا عِنْدَ أَهْلِ الْعِلْمِ مِنَ الصَّحَابَةِ ، مِنْهُمْ : عُمَرُ ، وَعُثْمَانُ ، وَابْنُ عُمَرَ . وَهُوَ قَوْلُ الْفُقَهَاءِ مِنَ التَّابِعَيْنِ ، وَيُرْوَى ذَلِكَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ مَسْعُودٍ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا زَكَرِيَّا بْنُ عَدِيٍّ ، حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ ، عَنْ عَبْدِ الْكَرِيمِ ، عَنْ أَبِي الْوَاصِلِ ، عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ ، عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : " لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ " .

طَرِيقٌ أُخْرَى : رَوَى الْإِمَامُ أَحْمَدُ ، وَالنَّسَائِيُّ ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مُرَّةَ ، عَنِ الْحَارِثِ الْأَعْوَرِ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ قَالَ : آكِلُ الرِّبَا وَمُوكِلُهُ ، وَشَاهِدَاهُ وَكَاتِبُهُ إِذَا عَلِمُوا بِهِ ، وَالْوَاصِلَةُ ، وَالْمُسْتَوْصِلَةُ ، وَلَاوِي الصَّدَقَةِ ، وَالْمُتَعَدِّي فِيهَا ، وَالْمُرْتَدُّ عَلَى عَقِبَيْهِ إِعْرَاضًا بَعْدَ هِجْرَتِهِ ، وَالْمُحَلِّلُ وَالْمُحَلَّلُ لَهُ ، مَلْعُونُونَ عَلَى لِسَانِ مُحَمَّدٍ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ .

الْحَدِيثُ الثَّانِي : عَنْ عَلِيٍّ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ :

حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ ، أَخْبَرَنَا سُفْيَانُ ، عَنْ جَابِرٍ [ وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ ] عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ آكِلَ الرِّبَا وَمُوكِلَهُ ، وَشَاهِدَيْهِ وَكَاتِبَهُ ، وَالْوَاشِمَةَ وَالْمُسْتَوْشِمَةَ لِلْحُسْنِ ، وَمَانِعَ الصَّدَقَةِ ، وَالْمُحَلِّلَ ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ، وَكَانَ يَنْهَى عَنِ النَّوْحِ .

وَكَذَا رَوَاهُ عَنْ غُنْدَرٍ ، عَنْ شُعْبَةَ ، عَنْ جَابِرٍ ، وَهُوَ ابْنُ يَزِيدَ الْجُعْفِيُّ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ ، بِهِ .

وَكَذَا رَوَاهُ مِنْ حَدِيثِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي خَالِدٍ ، وَحُصَيْنِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَمُجَالِدِ بْنِ سَعِيدٍ ، وَابْنِ عَوْنٍ ، عَنْ عَامِرٍ الشَّعْبِيِّ ، بِهِ [ ص: 627 ] وَقَدْ رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ حَدِيثِ الشَّعْبِيِّ ، بِهِ . ثُمَّ قَالَ أَحْمَدُ :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ ، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ ، عَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَاحِبَ الرِّبَا ، وَآكِلَهُ ، وَكَاتِبَهُ ، وَشَاهِدَهُ ، وَالْمُحَلِّلَ ، وَالْمُحَلَّلَ لَهُ 
 
الْحَدِيثُ الثَّالِثُ : عَنْ جَابِرٍ : قَالَ التِّرْمِذِيُّ :

حَدَّثَنَا أَبُو سَعِيدٍ الْأَشَجُّ ، أَخْبَرَنَا أَشْعَثُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ زُبَيْدٍ الْيَامِيُّ ، حَدَّثَنَا مُجَالِدٌ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ وَعَنِ الْحَارِثِ ، عَنْ عَلِيٍّ : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لَعَنَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ ثُمَّ قَالَ : وَلَيْسَ إِسْنَادُهُ بِالْقَائِمِ ، وَمُجَالِدٌ ضَعَّفَهُ غَيْرٌ وَاحِدٍ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ ، مِنْهُمْ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ . قَالَ : وَرَوَاهُ ابْنُ نُمَيْرٍ ، عَنْ مُجَالِدٍ ، عَنِ الشَّعْبِيِّ ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، عَنْ عَلِيٍّ . قَالَ : وَهَذَا وَهْمٌ مِنَ ابْنِ نُمَيْرٍ ، وَالْحَدِيثُ الْأَوَّلُ أَصَحُّ .

الْحَدِيثُ الرَّابِعُ : عَنْ عُقْبَةَ بْنِ عَامِرٍ : قَالَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ مَاجَهْ :

حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ الْمِصْرِيُّ ، حَدَّثَنَا أَبِي ، سَمِعْتُ اللَّيْثَ بْنَ سَعْدٍ يَقُولُ : قَالَ أَبُو مُصْعَبٍ مِشْرَحٌ هُوَ : ابْنُ عَاهَانَ ، قَالَ عُقْبَةُ بْنُ عَامِرٍ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " أَلَا أُخْبِرُكُمْ بِالتَّيْسِ الْمُسْتَعَارِ ؟ " قَالُوا : بَلَى يَا رَسُولَ اللَّهِ . قَالَ : " هُوَ الْمُحَلِّلُ ، لَعَنَ اللَّهُ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ " .

تَفَرَّدَ بِهِ ابْنُ مَاجَهْ . وَكَذَا رَوَاهُ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجَوْزَجَانِيُّ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ ، بِهِ ، ثُمَّ قَالَ : كَانُوا يُنْكِرُونَ عَلَى عُثْمَانَ فِي هَذَا الْحَدِيثِ إِنْكَارًا شَدِيدًا .

قُلْتُ : عُثْمَانُ هَذَا أَحَدُ الثِّقَاتِ ، رَوَى عَنْهُ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ . ثُمَّ قَدْ تَابَعَهُ غَيْرُهُ ، فَرَوَاهُ جَعْفَرٌ الْفِرْيَابِيُّ عَنِ الْعَبَّاسِ الْمَعْرُوفِ بِابْنِ فَرِيقٍ عَنْ أَبِي صَالِحٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ صَالِحٍ ، عَنِ اللَّيْثِ بِهِ ، فَبَرِئَ مِنْ عُهْدَتِهِ وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الْحَدِيثُ الْخَامِسُ : عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ . قَالَ ابْنُ مَاجَهْ :

حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ بَشَّارٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، عَنْ زَمْعَةَ بْنِ صَالِحٍ ، عَنْ سَلَمَةَ بْنِ وَهْرَامَ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ .

طَرِيقٌ أُخْرَى : قَالَ الْإِمَامُ الْحَافِظُ خَطِيبُ دِمَشْقَ أَبُو إِسْحَاقَ إِبْرَاهِيمُ بْنُ يَعْقُوبَ الْجُوزْجَانِيُّ السَّعْدِيُّ : حَدَّثَنَا ابْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ إِسْمَاعِيلَ بْنِ أَبِي حَبِيبَةَ عَنْ دَاوُدَ بْنِ الْحُصَيْنِ ، عَنْ عِكْرِمَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : سُئِلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَنْ نِكَاحِ الْمُحَلِّلِ قَالَ : " لَا إِلَّا نِكَاحَ [ ص: 628 ] رَغْبَةٍ ، لَا نِكَاحَ دُلْسَةٍ وَلَا اسْتِهْزَاءٍ بِكِتَابِ اللَّهِ ، ثُمَّ يَذُوقُ عُسَيْلَتَهَا " .

وَيَتَقَوَّى هَذَانِ الْإِسْنَادَانِ بِمَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ مُوسَى بْنِ أَبِي الْفُرَاتِ ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينَارٍ ، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِنَحْوٍ مِنْ هَذَا فَيَتَقَوَّى كُلٌّ مِنْ هَذَا الْمُرْسَلِ وَالَّذِي قَبْلَهُ بِالْآخَرِ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

الْحَدِيثُ السَّادِسُ : عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ . قَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ : حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ ، هُوَ ابْنُ جَعْفَرٍ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْمَقْبُرِيِّ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : لَعَنَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُحَلِّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَالْجُوزْجَانِيُّ ، وَالْبَيْهَقِيُّ ، مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ جَعْفَرٍ الْقُرَشِيِّ . وَقَدْ وَثَّقَهُ أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ ، وَعَلِيُّ بْنُ الْمَدِينِيِّ ، وَيَحْيَى بْنُ مَعِينٍ وَغَيْرُهُمْ . وَأَخْرَجَ لَهُ مُسْلِمٌ فِي صَحِيحِهِ ، عَنْ عُثْمَانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الْأَخْنَسِيِّ وَثَّقَهُ ابْنُ مَعِينٍ عَنْ سَعِيدِ الْمَقْبُرِيِّ ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ .

الْحَدِيثُ السَّابِعُ : عَنِ ابْنِ عُمَرَ . قَالَ الْحَاكِمُ فِي مُسْتَدْرَكِهِ :

حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ الْأَصَمُّ ، حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّغَانِيُّ حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ أَبِي مَرْيَمَ ، حَدَّثَنَا أَبُو غَسَّانَ مُحَمَّدُ بْنُ مُطَرِّفٍ الْمَدَنِيُّ ، عَنْ عُمَرَ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ أَنَّهُ قَالَ : جَاءَ رَجُلٌ إِلَى ابْنِ عُمَرَ ، فَسَأَلَهُ عَنْ رَجُلٍ طَلَّقَ امْرَأَتَهُ ثَلَاثًا ، فَتَزَوَّجَهَا أَخٌ لَهُ مِنْ غَيْرِ مُؤَامَرَةٍ مِنْهُ ، لِيُحِلَّهَا لِأَخِيهِ : هَلْ تَحِلُّ لِلْأَوَّلِ ؟ فَقَالَ : لَا إِلَّا نِكَاحَ رَغْبَةٍ ، كُنَّا نَعُدُّ هَذَا سِفَاحًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ . ثُمَّ قَالَ : هَذَا حَدِيثٌ صَحِيحُ الْإِسْنَادِ ، وَلَمْ يُخَرِّجَاهُ .

وَقَدْ رَوَاهُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ نَافِعٍ ، عَنْ أَبِيهِ ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ ، بِهِ . وَهَذِهِ الصِّيغَةُ مُشْعِرَةٌ بِالرَّفْعِ . وَهَكَذَا رَوَى أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبِي شَيْبَةَ ، وَالْجُوزْجَانِيُّ ، وَحَرْبٌ الْكَرْمَانِيُّ ، وَأَبُو بَكْرٍ الْأَثْرَمُ ، مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ ، عَنِ الْمُسَيَّبِ بْنِ رَافِعٍ ، عَنْ قَبِيصَةَ بْنِ جَابِرٍ ، عَنْ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ : لَا أَوُتَى بِمُحَلِّلٍ وَلَا مُحَلَّلٍ لَهُ إِلَّا رَجَمْتُهُمَا .
وَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ ابْنِ لَهِيعَةَ ، عَنْ بُكَيْرِ بْنِ الْأَشَجِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ رُفِعَ إِلَيْهِ رَجُلٌ تَزَوَّجَ امْرَأَةً لِيُحِلَّهَا لِزَوْجِهَا ، فَفَرَّقَ بَيْنَهُمَا . وَكَذَا رُوِيَ عَنْ عَلِيٍّ ، وَابْنِ عَبَّاسٍ ، [ ص: 629 ] وَغَيْرِ وَاحِدٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ .

وَقَوْلُهُ : فَإِنْ طَلَّقَهَا أَيِ : الزَّوْجُ الثَّانِي بَعْدَ الدُّخُولِ بِهَا فَلَا جُنَاحَ عَلَيْهِمَا أَنْ يَتَرَاجَعَا أَيِ : الْمَرْأَةُ وَالزَّوْجُ الْأَوَّلُ إِنْ ظَنَّا أَنْ يُقِيمَا حُدُودَ اللَّهِ أَيْ : يَتَعَاشَرَا بِالْمَعْرُوفِ [ وَقَالَ مُجَاهِدٌ : إِنَّ ظَنًّا أَنَّ نِكَاحَهُمَا عَلَى غَيْرِ دُلْسَةٍ ] وَتِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ أَيْ : شَرَائِعُهُ وَأَحْكَامُهُ ( يُبَيِّنُهَا ) أَيْ : يُوَضِّحُهَا لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ

وَقَدِ اخْتَلَفَ الْأَئِمَّةُ ، رَحِمَهُمُ اللَّهُ ، فِيمَا إِذَا طَلَّقَ الرَّجُلُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ ، وَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَتْ بِآخَرَ فَدَخَلَ بِهَا ، ثُمَّ طَلَّقَهَا فَانْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، ثُمَّ تَزَوَّجَهَا الْأَوَّلُ : هَلْ تَعُودُ إِلَيْهِ بِمَا بَقِيَ مِنَ الثَّلَاثِ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ مَالِكٍ ، وَالشَّافِعِيِّ ، وَأَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ ، وَهُوَ قَوْلُ طَائِفَةٍ مِنَ الصَّحَابَةِ ، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ ؟ أَوْ يَكُونُ الزَّوْجُ الثَّانِي قَدْ هَدَمَ مَا قَبْلَهُ مِنَ الطَّلَاقِ ، فَإِذَا عَادَتْ إِلَى الْأَوَّلِ تَعُودُ بِمَجْمُوعِ الثَّلَاثِ ، كَمَا هُوَ مَذْهَبُ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَصْحَابِهِ رَحِمَهُمُ اللَّهُ ؟ وَحُجَّتُهُمْ أَنَّ الزَّوْجَ الثَّانِيَ إِذَا هَدَمَ الثَّلَاثَ فَلَأَنْ يَهْدِمَ مَا دُونَهَا بِطَرِيقِ الْأَوْلَى وَالْأَحْرَى ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .
148
( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَأَمْسِكُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ أَوْ سَرِّحُوهُنَّ بِمَعْرُوفٍ وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ يَعِظُكُمْ بِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ( 231 ) )

هَذَا أَمْرٌ مِنَ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ لِلرِّجَالِ إِذَا طَلَّقَ أَحَدُهُمُ الْمَرْأَةَ طَلَاقًا لَهُ عَلَيْهَا فِيهِ رَجْعَةٌ ، أَنْ يُحْسِنَ فِي أَمْرِهَا إِذَا انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، وَلَمْ يَبْقَ مِنْهَا إِلَّا مِقْدَارَ مَا يُمْكِنُهُ فِيهِ رَجْعَتُهَا ، فَإِمَّا أَنْ يُمْسِكَهَا ، أَيْ : يَرْتَجِعَهَا إِلَى عِصْمَةِ نِكَاحِهِ بِمَعْرُوفٍ ، وَهُوَ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى رَجْعَتِهَا ، وَيَنْوِيَ عِشْرَتَهَا بِالْمَعْرُوفِ ، أَوْ يُسَرِّحَهَا ، أَيْ : يَتْرُكُهَا حَتَّى تَنْقَضِيَ عِدَّتُهَا ، وَيُخْرِجُهَا مِنْ مَنْزِلِهِ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ ، مِنْ غَيْرِ شِقَاقٍ وَلَا مُخَاصَمَةٍ وَلَا تَقَابُحٍ ، قَالَ اللَّهُ تَعَالَى : ( وَلَا تُمْسِكُوهُنَّ ضِرَارًا لِتَعْتَدُوا ) قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ ، وَمُجَاهِدٌ ، وَمَسْرُوقٌ ، وَالْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَالضَّحَّاكُ ، وَالرَّبِيعُ ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ وَغَيْرُ وَاحِدٍ : كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ الْمَرْأَةَ ، فَإِذَا قَارَبَتِ انْقِضَاءَ الْعِدَّةِ رَاجَعَهَا ضِرَارًا ، لِئَلَّا تَذْهَبَ إِلَى غَيْرِهِ ، ثُمَّ يُطَلِّقُهَا فَتَعْتَدُّ ، فَإِذَا شَارَفَتْ عَلَى انْقِضَاءِ الْعِدَّةِ طَلَّقَ لِتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ ، فَنَهَاهُمُ اللَّهُ عَنْ ذَلِكَ ، وَتَوَعَّدَهُمْ عَلَيْهِ فَقَالَ : ( وَمَنْ يَفْعَلْ ذَلِكَ فَقَدْ ظَلَمَ نَفْسَهُ ) أَيْ : بِمُخَالَفَتِهِ أَمْرَ اللَّهِ تَعَالَى .

وَقَوْلُهُ : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) قَالَ ابْنُ جَرِيرٍ : عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ :

أَخْبَرَنَا أَبُو كُرَيْبٍ ، أَخْبَرَنَا إِسْحَاقُ بْنُ مَنْصُورٍ ، عَنْ عَبْدِ السَّلَامِ بْنِ حَرْبٍ ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي الْعَلَاءِ الْأَوْدِيِّ ، عَنْ حُمَيْدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، عَنْ أَبِي مُوسَى : أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ [ ص: 630 ] صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ غَضِبَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ ، فَأَتَاهُ أَبُو مُوسَى فَقَالَ : يَا رَسُولَ اللَّهِ ، أَغَضِبْتَ عَلَى الْأَشْعَرِيِّينَ ؟ ! فَقَالَ : يَقُولُ أَحَدُكُمْ : قَدْ طَلَّقْتُ ، قَدْ رَاجَعْتُ ، لَيْسَ هَذَا طَلَاقُ الْمُسْلِمِينَ ، طَلِّقُوا الْمَرْأَةَ فِي قُبُلِ عِدَّتِهَا " .

ثُمَّ رَوَاهُ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي خَالِدٍ الدَّالَانِيِّ ، وَهُوَ يَزِيدُ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ ، وَفِيهِ كَلَامٌ .

وَقَالَ مَسْرُوقٌ : هُوَ الَّذِي يُطَلِّقُ فِي غَيْرِ كُنْهِهِ ، وَيُضَارُّ امْرَأَتَهُ بِطَلَاقِهَا وَارْتِجَاعِهَا ، لِتَطُولَ عَلَيْهَا الْعِدَّةُ .

وَقَالَ الْحَسَنُ ، وَقَتَادَةُ ، وَعَطَاءٌ الْخُرَاسَانِيُّ ، وَالرَّبِيعُ ، وَمُقَاتِلُ بْنُ حَيَّانَ : هُوَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا أَوْ يُعْتِقُ أَوْ يَنْكِحُ وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا . فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) فَأَلْزَمَ اللَّهُ بِذَلِكَ . وَقَالَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : حَدَّثَنَا إِبْرَاهِيمُ بْنُ مُحَمَّدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو أَحْمَدَ الصَّيْرَفِيُّ ، حَدَّثَنِي جَعْفَرُ بْنُ مُحَمَّدٍ السِّمْسَارُ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ يَحْيَى ، عَنْ سُفْيَانَ ، عَنْ لَيْثٍ ، عَنْ مُجَاهِدٍ ، عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ قَالَ : طَلَّقَ رَجُلٌ امْرَأَتَهُ وَهُوَ يَلْعَبُ ، لَا يُرِيدُ الطَّلَاقَ ; فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) فَأَلْزَمَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الطَّلَاقَ .

وَقَالَ ابْنُ أَبِي حَاتِمٍ : حَدَّثَنَا عِصَامُ بْنُ زَوَّادٍ ، حَدَّثَنَا آدَمُ ، حَدَّثَنَا الْمُبَارَكُ بْنُ فَضَالَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، هُوَ الْبَصْرِيُّ ، قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ يُطَلِّقُ وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا أَوْ يُعْتِقُ وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا وَيَنْكِحُ وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) وَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " مَنْ طَلَّقَ أَوْ أَعْتَقَ أَوْ نَكَحَ أَوْ أَنْكَحَ ، جَادًّا أَوْ لَاعِبًا ، فَقَدْ جَازَ عَلَيْهِ " .

وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ جَرِيرٍ مِنْ طَرِيقِ الزُّهْرِيِّ ، عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ أَرْقَمَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، مِثْلَهُ . وَهَذَا مُرْسَلٌ . وَقَدْ رَوَاهُ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طَرِيقِ عَمْرِو بْنِ عُبَيْدٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ أَبِي الدَّرْدَاءِ ، مَوْقُوفًا عَلَيْهِ . وَقَالَ أَيْضًا :

حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ أَيُّوبَ ، حَدَّثَنَا يَعْقُوبُ بْنُ أَبِي يَعْقُوبَ ، حَدَّثَنَا يَحْيَى بْنُ عَبْدِ الْحَمِيدِ ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعَاوِيَةَ ، عَنْ إِسْمَاعِيلَ بْنِ سَلَمَةَ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ ، فِي قَوْلِ اللَّهِ تَعَالَى : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) قَالَ : كَانَ الرَّجُلُ عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَقُولُ لِلرَّجُلِ : زَوَّجْتُكَ ابْنَتِي ثُمَّ يَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا . وَيَقُولُ : قَدْ أَعْتَقْتُ ، وَيَقُولُ : كُنْتُ لَاعِبًا فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَلَا تَتَّخِذُوا آيَاتِ اللَّهِ هُزُوًا ) فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ مَنْ قَالَهُنَّ لَاعِبًا أَوْ غَيْرَ لَاعِبٍ ، فَهُنَّ جَائِزَاتٌ عَلَيْهِ : الطَّلَاقُ ، وَالْعِتَاقُ ، وَالنِّكَاحُ " . [ ص: 631 ]

وَالْمَشْهُورُ فِي هَذَا الْحَدِيثِ الَّذِي رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ مِنْ طَرِيقِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ حَبِيبِ بْنِ أَرْدَكَ ، عَنْ عَطَاءٍ ، عَنِ ابْنِ مَاهَكَ ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ : " ثَلَاثٌ جَدُّهُنَّ جَدٌّ ، وَهَزْلُهُنَّ جَدٌّ : النِّكَاحُ ، وَالطَّلَاقُ ، وَالرَّجْعَةُ " . وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ : حَسَنٌ غَرِيبٌ .

وَقَوْلُهُ : ( وَاذْكُرُوا نِعْمَةَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ ) أَيْ : فِي إِرْسَالِهِ الرَّسُولَ بِالْهُدَى وَالْبَيِّنَاتِ إِلَيْكُمْ ( وَمَا أَنْزَلَ عَلَيْكُمْ مِنَ الْكِتَابِ وَالْحِكْمَةِ ) أَيِ : السُّنَّةُ ( يَعِظُكُمْ بِهِ ) أَيْ : يَأْمُرُكُمْ وَيَنْهَاكُمْ وَيَتَوَعَّدُكُمْ عَلَى ارْتِكَابِ الْمَحَارِمِ ( وَاتَّقُوا اللَّهَ ) أَيْ : فِيمَا تَأْتُونَ وَفِيمَا تَذَرُونَ ( وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ ) أَيْ : فَلَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ أُمُورِكُمُ السِّرِّيَّةِ وَالْجَهْرِيَّةِ ، وَسَيُجَازِيكُمْ عَلَى ذَلِكَ .

149
( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ( 232 ) )

قَالَ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَلْحَةَ ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ : نَزَلَتْ هَذِهِ الْآيَةُ فِي الرَّجُلِ يُطَلِّقُ امْرَأَتَهُ طَلْقَةً أَوْ طَلْقَتَيْنِ ، فَتَنْقَضِي عِدَّتُهَا ، ثُمَّ يَبْدُو لَهُ أَنْ يَتَزَوَّجَهَا وَأَنْ يُرَاجِعَهَا ، وَتُرِيدَ الْمَرْأَةُ ذَلِكَ ، فَيَمْنَعُهَا أَوْلِيَاؤُهَا مِنْ ذَلِكَ ، فَنَهَى اللَّهُ أَنْ يَمْنَعُوهَا . وَكَذَا رَوَى الْعَوْفِيُّ ، عَنْهُ ، وَكَذَا قَالَ مَسْرُوقٌ ، وَإِبْرَاهِيمُ النَّخَعِيُّ ، وَالزُّهْرِيُّ وَالضَّحَّاكُ إِنَّهَا أُنْزِلَتْ فِي ذَلِكَ . وَهَذَا الَّذِي قَالُوهُ ظَاهِرٌ مِنَ الْآيَةِ ، وَفِيهَا دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّ الْمَرْأَةَ لَا تَمْلِكُ أَنْ تُزَوِّجَ نَفْسَهَا ، وَأَنَّهُ لَا بُدَّ فِي تَزْوِيجِهَا مِنْ وَلِيٍّ ، كَمَا قَالَهُ التِّرْمِذِيُّ وَابْنُ جَرِيرٍ عِنْدَ هَذِهِ الْآيَةِ ، كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ : لَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ الْمَرْأَةَ ، وَلَا تُزَوِّجُ الْمَرْأَةُ نَفْسَهَا ، فَإِنَّ الزَّانِيَةَ هِيَ الَّتِي تُزَوِّجُ نَفْسَهَا . وَفِي الْأَثَرِ الْآخَرِ : لَا نِكَاحَ إِلَّا بِوَلِيٍّ مُرْشِدٍ ، وَشَاهِدَيْ عَدْلٍ . وَفِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نِزَاعٌ بَيْنَ الْعُلَمَاءِ مُحَرَّرٌ فِي مَوْضِعِهِ مِنْ كُتُبِ الْفُرُوعِ ، وَقَدْ قَرَّرْنَا ذَلِكَ فِي كِتَابِ " الْأَحْكَامُ " ، وَلِلَّهِ الْحَمْدُ وَالْمِنَّةُ .

وَقَدْ رُوِيَ أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ الْمُزَنِيِّ وَأُخْتِهِ ، فَقَالَ الْبُخَارِيُّ ، رَحِمَهُ اللَّهُ ، فِي كِتَابِهِ الصَّحِيحِ عِنْدَ تَفْسِيرِ هَذِهِ الْآيَةِ :

حَدَّثَنَا عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ سَعِيدٍ ، حَدَّثَنَا أَبُو عَامِرٍ الْعَقَدِيُّ ، حَدَّثَنَا عَبَّادُ بْنُ رَاشِدٍ ، حَدَّثَنَا الْحَسَنُ قَالَ : حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ قَالَ : كَانَتْ لِي أُخْتٌ تُخْطَبُ إِلَيَّ قَالَ الْبُخَارِيُّ : وَقَالَ إِبْرَاهِيمُ ، عَنْ يُونُسَ ، عَنِ الْحَسَنِ : حَدَّثَنِي مَعْقِلُ بْنُ يَسَارٍ . وَحَدَّثَنَا أَبُو مَعْمَرٍ ، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَارِثِ ، حَدَّثَنَا يُونُسُ ، عَنِ الْحَسَنِ : أَنَّ أُخْتَ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ طَلَّقَهَا زَوْجُهَا ، فَتَرَكَهَا حَتَّى انْقَضَتْ عِدَّتُهَا ، فَخَطَبَهَا ، فَأَبَى مَعْقِلٌ[ ص: 632 ]

فَنَزَلَتْ : ( فَلَا تَعْضُلُوهُنَّ أَنْ يَنْكِحْنَ أَزْوَاجَهُنَّ ) .

وَهَكَذَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ ، وَالتِّرْمِذِيُّ ، وَابْنُ مَاجَهْ ، وَابْنُ أَبِي حَاتِمٍ ، وَابْنُ جَرِيرٍ ، وَابْنُ مَرْدَوَيْهِ مِنْ طُرُقٍ مُتَعَدِّدَةٍ ، عَنِ الْحَسَنِ ، عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ ، بِهِ . وَصَحَّحَهُ التِّرْمِذِيُّ أَيْضًا ، وَلَفْظُهُ عَنْ مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ : أَنَّهُ زَوَّجَ أُخْتَهُ رَجُلًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ ، عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ، فَكَانَتْ عِنْدَهُ مَا كَانَتْ ، ثُمَّ طَلَّقَهَا تَطْلِيقَةً لَمْ يُرَاجِعْهَا حَتَّى انْقَضَتِ الْعِدَّةُ ، فَهَوِيَهَا وَهَوِيَتْهُ ، ثُمَّ خَطَبَهَا مَعَ الْخُطَّابِ ، فَقَالَ لَهُ : يَا لُكَعُ أَكْرَمْتُكَ بِهَا وَزَوَّجْتُكَهَا ، فَطَلَّقْتَهَا ! وَاللَّهِ لَا تَرْجِعُ إِلَيْكَ أَبَدًا ، آخِرُ مَا عَلَيْكَ . قَالَ : فَعَلِمَ اللَّهُ حَاجَتَهُ إِلَيْهَا وَحَاجَتَهَا إِلَى بَعْلِهَا ، فَأَنْزَلَ اللَّهُ : ( وَإِذَا طَلَّقْتُمُ النِّسَاءَ فَبَلَغْنَ أَجَلَهُنَّ ) إِلَى قَوْلِهِ : ( وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) فَلَمَّا سَمِعَهَا مَعْقِلٌ قَالَ : سَمْعٌ لِرَبِّي وَطَاعَةٌ ثُمَّ دَعَاهُ ، فَقَالَ : أُزَوِّجُكَ وَأُكْرِمُكَ ، زَادَ ابْنُ مَرْدَوَيْهِ : وَكَفَّرْتُ عَنْ يَمِينِي .

وَرَوَى ابْنُ جَرِيرٍ عَنِ ابْنِ جُرَيْجٍ قَالَ : هِيَ جُمَلُ بِنْتُ يَسَارٍ كَانَتْ تَحْتَ أَبِي الْبَدَّاحِ ، وَقَالَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ ، عَنْ أَبِي إِسْحَاقَ السَّبِيعِيِّ قَالَ : هِيَ فَاطِمَةُ بِنْتُ يَسَارٍ . وَهَكَذَا ذَكَرَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنَ السَّلَفِ : أَنَّ هَذِهِ الْآيَةَ نَزَلَتْ فِي مَعْقِلِ بْنِ يَسَارٍ وَأُخْتِهِ . وَقَالَ السُّدِّيُّ : نَزَلَتْ فِي جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ ، وَابْنَةِ عَمٍّ لَهُ ، وَالصَّحِيحُ الْأَوَّلُ ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ .

وَقَوْلُهُ : ( ذَلِكَ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كَانَ مِنْكُمْ يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) أَيْ : هَذَا الَّذِي نَهَيْنَاكُمْ عَنْهُ مِنْ مَنْعِ الْوَلَايَا أَنْ يَتَزَوَّجْنَ أَزْوَاجَهُنَّ إِذَا تَرَاضَوْا بَيْنَهُمْ بِالْمَعْرُوفِ ، يَأْتَمِرُ بِهِ وَيَتَّعِظُ بِهِ وَيَنْفَعِلُ لَهُ ( مَنْ كَانَ مِنْكُمْ ) أَيُّهَا النَّاسُ ( يُؤْمِنُ بِالْلَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ ) أَيْ : يُؤْمِنُ بِشَرْعِ اللَّهِ ، وَيَخَافُ وَعِيدَ اللَّهِ وَعَذَابَهُ فِي الدَّارِ الْآخِرَةِ وَمَا فِيهَا مِنَ الْجَزَاءِ ( ذَلِكُمْ أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ ) أَيِ : اتِّبَاعُكُمْ شَرْعَ اللَّهِ فِي رَدِّ الْمُولِيَاتِ إِلَى أَزْوَاجِهِنَّ ، وَتَرْكِ الْحَمِيَّةِ فِي ذَلِكَ ، أَزْكَى لَكُمْ وَأَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ ( وَاللَّهُ يَعْلَمُ ) أَيْ : مِنَ الْمَصَالِحِ فِيمَا يَأْمُرُ بِهِ وَيَنْهَى عَنْهُ ( وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ) أَيِ : الْخَيْرَةُ فِيمَا تَأْتُونَ وَلَا فِيمَا تَذَرُونَ .
تنزيل كتاب أحكام الطلاق بسورة الطلاق حمل كناب احكام الطلاق الحائرة عند الناس بين سورة البقرة وسورة الطلاق حمل كتاب الطلاق الشامل من مشكاة
حمل كتاب الطلاق الشامل.rar
أرشيف المدونة الإلكترونية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق